كل فعل لا يرضاه الله تتجنبه؛ لأنك تعلم أنه بصير به، الغفور تتعبد الله بمقتضاه بمعنى: أن تفعل أسباب المغفرة، وهلم جرًا.
ولهذا كان العوض غاليًا جدًا وهو الجنة، ومثل هذا لا يمكن أن يحصل بمجرد أن الإنسان يسردها بلفظه فقط، فإحصاؤها إن يتضمن ثلاثة أشياء إحصاؤها لفظًا، فهمها معنى، والثالث: التعبد لله تعالى بمقتضاها فمن حصل على ذلك-ونسأل الله تعالى أن يكتبه لنا ولكم- فإنه يدخل الجنة.
أتى المؤلف رحمه الله بهذا الحديث إشارة إلى أن أي اسم من أسماء الله تحلف به فإنه جائز، وكان الذي ينبغي أن يكون هذا الحديث بعد قوله:"كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ومقلب القلوب"، ولكن الإنسان عند التأليف ربما يفوته الترتيب.
فإن قال قائل: كيف نجمع بين هذا الحديث وبين حديث ابن مسعود في دعاء الغم والكرب: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك"، فإن ما استأثر الله به عنده في علم الغيب لا يمكن إدراكه ولا إحصاؤه، ولا يمكن أن يقال عدده كذا أو كذا؟
فالجواب أن يقال: إن معنى هذا الحديث "إن لله تسعة وتسعين اسمًا": إن من أسماء الله عز وجل تسعة وتسعين من أحصاها دخل الجنة، وعلى هذا فتكون الجملة "من أحصاها دخل الجنة" متعلقة بالجملة التي قبلها وليست منفصلة عنها، كأنه قال: إن من أسماء الله تسعة وتسعين اسمًا ... الخ.
ونظير ذلك أن تقول عندي ألف ريال أعددتها للإقراض، يعني: من جاء يقترض أعطيته منها، فهل هذا يعني: أنه ليس عندك غيرها؟ لا يعني ذلك، ولاسيما أنه جاء في الحديث الذي معنا:"أو استأثرت به في علم الغيب عندك".
وقول المؤلف رحمه الله: التحقيق أن سردها إدراج من بعض الرواة، الإدراج: هو أن يدخل أحد الرواة في الحديث كلامًا من عنده بدون بيان، وحكمه أنه حرام إلا أن يتعلق بتفسير الحديث أو ما أشبه ذلك، وإلا فلا يجوز للإنسان أن يدخل في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ما ليس منه بدون بيان، لكن يفعلها بعض الرواة إما لأنه أتى بالحديث غير مدرج في مكان آخر وقد علم ذلك؛ أو لأن الكلمة تكون شرحًا لمعنى الحديث مثل حديث: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحنث في غار