اتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون} [التوبة: ٧٥ - ٧٦]. ويقع هذا كثيرًا، كثير من الناس إذا أيس من مريضه قال: لله علي نذر إن شفى الله مريضي لأتصدقنَّ بألف ريال، أو لأصومنَّ شهرًا، أو لأصلين عشرين ركعة مثلاً.
هذا نذر معلق، متى وجد الشرط لزم المشروط، إذن يجب الوفاء بنذر الطاعة سواء كان معلقًا أو مطلقًا، يعني: غير معلق، دليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه"، ولم يذكر سوى الطاعة ولابد من ذلك، ولو خالف الإنسان فلم يطع الله لكان على خطر عظيم، والخطر العظيم هو قوله تعالى:{فأعقابهم نفاقًا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون}[التوبة: ٧٧]. وهذا خطر عظيم، نفاق إلى الموت، لأنهم أخلفوا الله ما وعدوه وكذبوا فقال: لنتصدقنَّ ولنكوننَّ من الصالحين، ولم يحصل شيء من ذلك.
الثاني: ضد ذلك وهو نذر المعصية مثل أن يقول: لله علىّ نذر ليشربنَّ الخمر، هذا نذر معصية، حرام، فلا يجوز الوفاء به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"من نذر أن يعصي الله فلا يعصه"، ولأن الوفاء به مضادة لله عز وجل ومحادة له، كيف ينهاك الله عنه وأنت تتقرب إليه بفعله؟ هذا مستحيل عقلاً، ولكن هل يلزمه كفارة يمين؟ في هذا خلاف بين العلماء، وسيأتي الكلام عليه في شرح الحديث الآتي.
الثالث: نذر مباح، مثل أن يقول: لله عليّ نذر لألبسن هذا الثوب الليلة، هذا مباح؛ لأنه إن شاء لبسه وإن شاء لم يلبسه، إن لبسه لم يأثم وإن تركه لم يأثم هذا نذر مباح فما حكمه؟ قال العلماء: يخير بين فعله وكفارة اليمين يعني: أن شاء فعله ولبس الثوب الذي نذر أن يلبسه هذه الليلة وإن شاء لم يلبسه ولكن عليه كفارة يمين؛ لأن هذا النذر في حكم اليمين إذ إنه إنما نذر لإلزام نفسه كالحالف فيلزمه كفارة يمين ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب الكفارة في النذر الذي لم يسم فالمسمي الذي خولف من باب أولى.
الرابع: نذر اليمين، يعني: النذر الذي قصد به معنى اليمين، مثل: أن يقول: إن كلمت فلانًا فلله عليّ نذر أن أصوم شهرين، هذا بمنزلة قوله: والله لا أكلم فلانًا؛ لأن هذا النذر ليس له