بتخصيص، وهذا ما تجدونه أحيانا في بعض المجادلات ببين الفقهاء يقولون: مفهوم هاذ مفهوم لقب، ومفهوم اللقب ليس بحجة.
قلنا طريقان: إما أن نقول: هذا ذكر بعض أفراد العام بما يوافق العام، وهذا لا يقتضي التخصيص لما حققه أهل العلم في أصول الفقه، ومن آخر ما رأيت الشيخ الشنقيطي رحمه الله في كتابه "أضواء البيان" وهذا هو الذي عليه الجمهور، وإما أن نقول: إن هذا بناء على الغالب.
فإن قال قائل: ما تقولو في قول الله: {فأمسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} [المائدة: ٦]؟
فالجواب: أن "من" هنا لا يلزم أن تكون للتبعيض، بل هي لبيان الجنس أو للابيتداء؛ ولهذا جاء في حديث عمار بن ياسر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما ضرب الأرض نفخ في كفيه قبل أن يسمح وجهه، فالصواب: إذن: أن جميع الأراضي يصح التيمم منها بدون استثناء، لكن اشترط الله في ذلك أن تكون طيبة، قال: {صعيدا طيبا} [النساء: ٤٣].
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجب طلب الماء قبل دخول الوقت؛ لقوله: "أدركته الصلاة".
ومن فوائده: الإشارة إلى فعل الصلاة في أول وقتها.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجوز لمن دخل عليه وقت الصلاة ولم يجد الماء أن يصلي بالتيمم، وإن كان يعلم وجود الماء في آخر الوقت لقوله: "أدركته الصلاة".
وقال بعض أهل العلم: إذا علم وجوده في آخر الوقت لزمه التأخير، وله حظ من النظر؛ لأن تقديم الصلاة في أول وقتها سنة، واستعمال الماء عند وجوده واجب.
ومن فوائده: أنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها ولو لعالم بوجود الماء قريبا لقوله: "فليصل"، ويعضده قوله تعالى: {إن الصلوة كانت على المؤمنين كتبا موقوتا} [النساء: ١٠٣].
ومن فوائد الحديث: حل الغنائم لهذه الأمة؛ لقوله: "وأحلت لي الغنائم".
ومن فوائده: جواز النسخ في الأحكام سواء كان ذلك باعتبار النبوات أو باعتبار الشريعة الواحدة، يعني: باعتبار الشرائع، أو باعتبار الشريعة الواحدة.
ومن فوائده: فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم بإعطاء الشفاعة؛ لقوله: "وأعطيت الشفاعة".
ومن فوائده: إثبات الشفاعة، والعلماء - رحمهم الله، بل هذه الأمة- اتفقوا - فيما أعلم- أن الشفاعة العظمى ثابتة، يعني: قال بذلك السني والبدعي، أما الشفاعة في أهل الكبائر فعند المعتزلة والخوارج لا تثبت؛ لأنهم يرون أن فاعل الكبيرة مخلد في النار، ولا يمكن أن يشفع فيه، والصحيح أنها ثابته، ولذلك أدلة معروفة في كتب العقائد.