الموازين القسط ليوم القيامة} [الأنبياء: ٤٧]، وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء وذلك يوم القيامة، وهذا غاية العدل.
وقوله:"فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة"، نعمت المرضعة لأن الأمير الذي لا يريد إلا مجرد السلطة يتنعم بما وصل إليه من الهوى الذي كان يحبه ويهواه فيكون في نعيم، لكن بئست الفاطمة إذا قطع عنه هذا النعيم بانتقاله إلى الآخرة ووجد بدل النعيم البؤس فلهذا قال:"نعمت المرضعة وبئست الفاطمة".
في هذا الحديث فوائد: أولاً: مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: «إنكم ستحرصون على الإمارة»، وهل وقع ذلك؟ نعم وقع، وقتل الناس، وسفكت الدماء، واستحلت الأموال من أجل الوصول إلى الإمارة فظهر مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«إنكم ستحرصون على الإمارة».
ومن فوائده: التحذير من الحرص على الإمارة، وكنه مقيد لغير سبب الشرعي، أما إذا كان لسبب شرعي، وكان الإنسان يريد أن يكون أميراً ليقوم بالعدل أو ليقيم العدل الذي أمر الله به فهذا لا بأس به.
ومن فوائد الحديث: إثبات يوم القيامة لقوله: "وستكون ندامة يوم القيامة"، وهو اليوم الآخر، والإيمان به أحد أركان الإيمان، ولا يمكن للإنسان أن يستقيم على ما يطلب إلا إذا آمن بالله واليوم الآخر، ولهذا تجدون أن الله يقرن بين الإيمان به واليوم الآخر كثيراً.
ومن فوائد هذا الحديث: أن من حرص على الإمارة ونعم بها وأترف بها وصار الناس يمتثلون أمره وينقادون له ويكرمونه ويعظمونه، ولكنها -أي: الإمارة- في حقه على نية سيئة، فيقال فيها: نعمت المرضعة وبئست الفاطمة.
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم أمر في السفر إذا كانوا ثلاثة أن يؤمر أحدهم؟
قلنا: نعم، لكن هؤلاء الثلاثة لا يحرص أحدهم على الإمارة إلا إذا رأى من نفسه أنه خير أخويه فحينئذ لا بأس أن يحرص عليها، وأما إذا رأى أنه ليس فيها خير وقالوا: يا فلان، نحن نرى أنك أميرنا فله أن يمتنع، فإن كان هو أحسن القوم في الرأي والتدبير والحزم والديانة فإنه لا يحل له أن يعتذر في هذه الحال. ومن الأسف: أن الناس يعتذرون في هذه الحال يقول أحدهم: أنا لست بملزوم، غيري يكون أميراً: فنقول: سبحان الله! أنتم رفقة ثلاثة أو خمسة أو عشرة أو عشرون، لماذا لا تكون أميراً لهم؟ أحمد الله أنك أهل لها، كما أن بعض الناس الآن يتدافعون عن الإمامة في الصلاة يأتي ناس مثلاً في نزهة أو في سفر فإذا أقيمت الصلاة هذا