للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأراد أن يأخذ رهنا يوثق دينه، قال الله تعالى: {فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٣]. لأنه لا يتم توثيق الدين إلا إذا قبض الرهن، فلذلك أرشد الله تعالى إلى أعلى الحالين وهي الرهن المقبوض، ومع أن الرهن يثبت ويلزم وإن لم يقبض على القول الراجح.

إذن يستفاد من هذا الحديث: جواز الحكم بالشاهد الواحد بالإضافة إلى يمين المدعي، ولكن هل نبدأ بالشاهد أو نبدأ باليمين؟ نقول: ما دمنا قلنا: إن اليمين شرعت لقوة جانب المدعي فإننا نبدأ بالشاهد أولا فنقول: أشهد فإذا شهد قلنا للمدعي: احلف على ما شهد به فإذا حلف حكمنا له بذلك، وهذا الحكم في الأموال وغير الأموال، يعني: في كل شيء حتى لو ادعى عليه ما يوجب القصاص.

يقول العلماء: هذا في الأموال فقط أما ما يوجب القصاص فلابد فيه من التحري وأن يكون ذلك بشهادة رجلين.

وبمناسبة هذا الحديث ينبغي أن نبين أن البينات في الشهود تنقسم إلى أقسام:

الأول: ما يشترط فيه أربعة رجال عدول، وذلك في الزنا واللواط والإقرار بهما، فلابد من أربعة شهود عدول كما قال الله تعالى: {لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} [النور: ١٣]. وعلى هذا فلو شهد أربع نساء على زنا رجل أو امرأة لم تقبل شهادتهم، ولا ثمان نساء ولا ثمانين امرأة، لا تقبل لابد من أربعة رجال عدول: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات} [النور: ٦].

الثاني: ما يشترط فيه ثلاثة رجال وهو من سأل لعثرته بعد اشتهاره بالغنى، رجل مشهور بالغنى ثم جاء يسأل من الزكاة فإننا لا نقبل منه حتى يأتي بثلاثة شهود رجال عقلاء ممن يعرفون حاله كما في حديث قبيصة: "حتى يقوم ثلاثة رجال من ذوي الحجى من قومه".

الثالث: رجلان، وذلك في الحقوق غير المالية وما يقصد به المال كحد السرقة مثلا، حد القذف، القصاص، وما أشبه ذلك، هذا لابد فيه من رجلين، وهل تقوم المرأتان مقام رجل؟ لا، أو أربع مقام رجلين؟ لا، هذا هو المشهور من المذهب، وقيل: إن المرأتين تقومان مقام الرجل في كل شهادة ما عدا الزنا والإقرار به واللواط والإقرار به.

الرابع: رجلان أو رجل وامرأتان أو رجل ويمين المدعي، هذا أوسع الشهادات، وهذا في المال وما يقصد به المال، في المال كما لو ادعى شخص على أن له في ذمته ألف ريال وأتى برجلين [هل] يحكم له بذلك؟ نعم، أتى برجل وامرأتين؟ يحكم له، برجل ويمينه؟ يحكم له، هذا في المال، وأما ما يقصد به المال كالرهن، مثلا: ادعى شخص أن فلانا رهنه بيته في دين عليه وأقام شاهدين يثبت الرهن، شاهدا وامرأتين يثبت الرهن، شاهدا ويمين المدعي يثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>