تبيع مالها بغير ولي، وهذا مصادم للنص، مصادم للصريح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا نكاح إلا بولي". وتعبيرات القرآن الكريم تدل على ذلك:{ولا تعضلوهن}[النساء: ١٩]. {وأنكحوا الأيمى منكم}[النور: ٣٢]. وأما أشبه ذلك، لكن لسنا هنا نريد أن نفاضل بين الناس، لكننا نريد أن نبين أمثلة من أجل أن يعرف الإنسان كيف يصير في استعمال الأدلة من الكتاب والسنة.
ومن فوائد هذا الحديث: النهي عن الاغتسال في الماء الدائم مطلقا سواء من الجنابة أو لغيرها لقوله: "ثم يغتسل فيه".
ومن فوائد هذا الحديث: النهي عن البول ثم الاغتسال؛ لأنه من باب أولى إذا نهى عن البول وحده والاغتسال وحده فالنهي عن الجمع بينهما من باب أولى، ثم إن ظاهر تعبير الحديث إذا تأملته وجدته إنما يتعلق بهذه الصورة فقط وهي البول ثم الاغتسال، هذا هو مقتضى سياق اللفظ.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجوز أن يبول في الماء ثم يغتسل منه هذا بناء على رواية مسلم" وتقدم ذكر الفرق بين "منه" و "فيه" كما سبق في الشرح.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه هل يجوز للإنسان أن يبول في إناء ثم يصبه في الماء الذي لا يجري؟ لا، هذا مذهب الظاهرية يقول: لو بال في إناء ثم صبه في الماء فإنه لا يتناوله النهي، وليس معنى ذلك أنه جائز عندهم، لا لكن يقولون: لا يتناوله النهي؛ يعني: بصيغته، فلذلك نقول: الصواب أنه لا فرق بين أن يبول فيه مباشرة أو بإناء ثم يصبه فيه.
ومن فوائد الحديث أيضا: في رواية أبي داود أنه لا يغتسل في الماء الدائم من الجنابة، وظاهره أنه إذا بال في الماء يعني الجمع بينهما، لكن رواية مسلم السابقة التي جعلها المؤلف أصلا في الحديث تدل على أنه لا يجوز الاغتسال فيه من الجنابة وهو دائم.
وخلاصة هذا الحديث وألفاظه:
أولا: أن الإنسان لا يبول في الماء الدائم الذي لا يجري مطلقا إلا أننا استثنينا الأنهار والأودية الكبار وما أشبه ذلك فإن هذا جائز بالاتفاق، واستثنينا أيضا من الماء الدائم البحار أو البحيرات.
الشيء الكبير الذي لا يؤثر فيه البول شيئا. قال العلماء: هذا لا بأس به؛ لأن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم إنما ينصرف إلى الشيء المعهود وليس في المدينة بحار ولا أنهار هذه واحدة.
ثانيا: أنه لا يبول فيه ولا يغتسل منه؛ لأن ذلك مستقذر مستقبح عرفا وفطرة لقوله: "لا يبولن ثم يغتسل".