١٢٥ - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:"خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فيمما صعيدا طيبا، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: أصبت السنة وأجزأتك صلاتك، وقال للآخر: لك الأجر مرتين". رواه أبو داود، والنسائي.
هذه قصة، "خرج رجلان في سفر"، ولم يبين هذا السفر، لكن الله عز وجل يقول:{وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا}[النساء: ٤٣].
"فحضرت الصلاة" أي: دخل وقتها؛ لأن حضور كل شيء بحسبه، "وليس معهما ماء" أي: يتوضآن به، "فتيمما صعيدا طيبا فصليا" وسكت عن التيمم؛ ولا شك أنهما تيمما صعيدا طيبا يعني: استعملا التيمم من صعيد طيب، والمراد بالطيب هنا كما سبق وهو الظاهر، "فصليا، ثم وجد الماء" الألف التي هي الفاعل تسقط هنا، لماذا؟ لالتقاء الساكنين، قال ابن مالك رحمه الله:
إن ساكنان التقيا اكسر ما سبق ... وإن يكن لينا فحذفه استحق
مثل قوله تعالى:{لم يكن الذين كفروا}[البينة: ١]. أصلها:"لم يكن" فكسرت النون؛ لأن ما بعدها ساكن، "وإن يكن" أي: ما سبق "لينا" أي: حرفا من حروف اللين، وهي ثلاثة "الواو، والألف، والياء""فحذفه استحق" يعني: فقد استحق الحذف؛ أي: فأحذفه، فهنا في الحديث:"ثم وجد الماء" بحذف الألف، وأما ما يفعله بعض الناس بكونه يثبت الألف لكن ألف قصيرة فيقول:"ثم وجدا الماء" هذا حلاف القاعدة العربية، ومن ذلك أن نسمع بعض الناس في قوله تعالى:{ولقد ءاتينا داود وسليمن علما وقالا الحمد لله}[النمل: ١٥]. الصواب: أن تحذف الألف نقول: {وقالا الحمد لله} وزيعرف حذف الألف بالساق نقول: "ثم وجد الماء" في الوقت "فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء". قوله:"أعاد أحدهما الصلاة" واضح أنها إعادة؛ لأن الإعادة: فعل الشيء الذي فعل أولا؛ ولهذا سمي إعادة، فإذا أتى الإنسان بالشيء مرة أخرى فهو إعادة، لكن قوله:"والوضوء" هذا فيه تجوز؛ لأن الوضوء هنا لم يعاد؛ إذ إنهما قد تيمما لكن يحذف ما دل الدليل على حدوثه كقوله:[الكامل].