للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه بر لأن من تلقى أوامر الله بانشراح وقبول فسوف يفعله لأنه مسرور بها، وفي المحارم سوف يتجنبها فهذا صار في معاملة الله وفي معاملة الخلق حُسن الخلق، بعضهم، قال هُو بذل الندى وكف الأذى وطلاقة الوجه، وبعضهم قال: حُسن الخلق، أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، وهذا أجمع وأبين وأوضح أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، عامل الناس بهذا هذا حُسن الخلق كل منا يحب أن يعامله الناس بطلاقة وانشراح وسرور لا أجد واحدا منكم يحب أن يقابله الإنسان بوجه عابس مكفهر، يضيق ذرعا إذا كلمته، لا أحد يحب ذلك! ! فحسن الخلق أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به هذا في المعاملة مع الناس «الإثم ما حاك في صدرك»، حاك يعني: صار شديدا عليك لا تحب أن تفعله وربما يفسره قوله: «ما تردد في الصدر»، لأن الشيء إما أن تفعله بإنطلاق وإما أن تفعله مع تكره له يحيك في صدرك، هذا هو الإثم، ولكن هذا الخطاب في المسأله الأخيرة لمن شرح الله صدره للإسلام لا لكل أحد، بدليل أن أهل الفجور هل يحيك بصدورهم الفجور؟ .

لا، بل يرونه سرورا لهم {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فرَأَىهُ حَسَنًا} [فاطر: ٨]. فمن رأى الشيء حسنا كيف يحيك في صدره، فيكون الرسول (صلى الله عليه وسلم) خاطب رجلاً من الصحابة مستقيما يحيك في صدره الإثم ولا يخاطب جميع الناس فنقول: كلما كان الإنسان أتقى لله فسيضيق صدره ذرعا بالآثام، وأنا أحكي لكم قصة وقعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقصة وقعت من عامي من الناس أما التي وقعت من الرسول (صلى الله عليه وسلم) فإنه لما سلم في إحدى صلاتي العشي سلم من ركعتين الصلاة في نظره (صلى الله عليه وسلم) تامة لم تطمئن نفسه قام إلى خشبة في قبلي المسجد واتكأ عليها وشبك بين أصابعه ووضع خده على إحدى يديه، الذي يفعل هكذا هل يكون منشرحا صدره أم مغمومًا؟

مغمومًا؛ ولهذا قالوا: كأنه غضبان لم ينشرح صدره، مع أنه كان يعتقد أنه لم يفعل شيئا لكن - سبحان الله - انقبضت نفسه؛ لأن صلاته لم تتم هذا حاك في صدره لكن لا يعلم ما سببه لما قال له ذو اليدين أنسيت أم قصرت الصلاة؟ ! ولله در الصحابي! واحد من عامة الصحابة يقول هذا الكلام الذي لو اجتمع عليه الفلاسفة سنين لم يأتوا بمثله، أنسيت أم قصرت الصلاة حصر، فيه احتمال ثالث لا يمكن أن يكون من الرسول ولهذا لم يقله الصحابي وهو أنه سلم عمدا، وهذا لا يمكن فهو سلم إما ناسيا وإما أن الصلاة مقصورة؛ لأن الزمن زمن تشريع فقال: لم أنس، بناء على ظنه ولم تُقصر حكم شرعي نفى أن تكون قصرت. إذن فهي تامة لما انتفى

<<  <  ج: ص:  >  >>