القصر بقي النسيان، ولذا جزم الصحابي قال: بلى قد نسيت، لكن تعارض عند النيي (صلى الله عليه وسلم) ما كان يعتقده وما أخبره به الصحابي فصار خصمان، الخصمان يحتاجان إلى حاكم فسأل الصحابة «أحقّ ما يقول ذو اليدين، أو أصدق ذو اليدين؟ » قالوا: نعم فصلى ما بقي، هذه تجد فيها شاهدا على أن الإنسان كلما كان أتقى لله فلابد أن يتأثر إذا فرط في شيء من الواجبات بدون علم، أما قصة العامي فكان رجلاً معروفا بالورع وأنه لا يريد أن يُدخل على ماله شيء حرام إطلاقا، فكان عنده أثل وكان قد قطعه، في يوم من الأيام خرج من أجل أن يحمله على بعيره ويأتي به إلى أهله أو يبيعه، وكان جاره قد قطع أثاله أيضا وكدسه، فجاء إلى أثل جاره يظنه أثله فأناخ البعير وحمل أثل جاره على بعيره وربطه وشده ونهر البعير فلم تقم، وأبت أن تقوم فنهرها وضربها كلما نهرها أو ضربها تحلحلت وزادت مُكثا في الأرض فتعجب ما عاهد ببعيره هكذا فجعل يطوف بالبعير ويتأمل فإذا الأثل أثل جاره وأثله باق فحمد الله وتعجب، حبس الله هذا البعير لأنه حمل مالاً ليس بماله ففك الخشب ووضعه في مكانه ثم حمل خشبه وبمجرد ما حمله ونهرها قامت وهذه من آيات الله، حبس الفيل عن الكعبة وحبس ناقة النيي (صلى الله عليه وسلم) عن دخول مكة في صلح الحُديبية كانت البعير (وقفت) يزجرها ما تمشي حَتَّى إن الصحابة عيروها وقالوا: خلأت القصواء يعني: جرنت فدافع عنها النبي (صلى الله عليه وسلم) الحق مقصود حَتّى في البهائم، قال: والله ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، يعني: ليس من عادتها ولا خلأت؛ الآن دفاعا عن الحق، ولكن حبسها حابس الفيل وهو الله (عز وجل) كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): إن الله حبس عن مكة الفيل، والذي نفسه بيده أو قال: والله لا يسألوني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أجبتهم عليها، عرف النبي (صلى الله عليه وسلم) أن هناك أمرا وراء (التأخير) وهو أمر الله (عز وجل)، فالمهم أننا في مجريات حياتنا أيضا أحيانا تجري الأمور على خلاف ما نريد، وإذا بالأمر الواقع هو الأحسن هو الخير، جرب هذا في نفسك أحيانا تريد شيئا ثم يأتي القدر بخلاف ما تريد ثم تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون وإذا بالأمر الواقع يكون هُوَ الأفضل، وهذا مصداق قول الله تعالى:{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢١٦]. وقوله:{فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيرًا كَثِيرًا}[النساء: ١٩]. والآية فيها عموم وخصوص، إن كرهتموهن كان المتوقع أن يكون الجواب فعسى إن كرهتموهن ويجعل الله فيهن خيرا، لكن قال: فعسى أن تكرهوا شيئا ليكون الأمر أعلم، عسى أن تكرهوا شيئا النساء وغير النساء ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا فأنت يا أخي المسلم كن مع الله (عز وجل) كن مع القدر، لكن لا تصادم بالقدر الشرع بمعنى: أن تترك الواجب وتقول: هذا قدر تفعل المحرم تقول: هذا قدر، هذا لا يمكن لكن إذا فعلت واجتهدت وجاء الأمر خلاف ما تريد فكن مع القدر اطمئن استرح ولا تقل: لو فعلت كذا لكان كذا أو يا