للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الأول وقلنا: ليس عليه إعادة، وهو الذي وجده بعد الوقت.

وأما الثاني: ففيه خلاف قوي، والصحيح أنه لا قضاء عليه؛ وذلك لأنه أبرأ ذمته بفعل الصلاة على الوجه المطلوب، ولا يمكن أن يوجب الله على العبد صلاتين.

والثالث: إذا وجده في أثناء الصلاة فمنهم من قال: إنه يجب عليه أن يعيد الصلاة؛ لأنه لما وجده في أثناء الصلاة بطل التيمم، فإذا بطل التيمم صار كمن أحدث في أثناء الصلاة، وجب عليه أن يخرج منها ويستأنفها، وهذا القول هو الراجح أنه إذا وجد الماء في أثناء الصلاة بطل تيممه فبطلت صلاته، وعليه أن يعيد الصلاة من جديد بعد الوضوء، والحديث الذي أمامنا "ثم وجد الماء في الوقت" هو في الصورة الوسط؛ يعني: بعد الصلاة وقبل خروج الوقت.

ومن فوائد هذا الحديث: جواز الاجتهاد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لأنهما اجتهدا، وسبق اجتهاد آخر من حديث عمار بن ياسر، فأما إذا كان النبي غائبا فلا إشكال في أن الإنسان يجتهد، لكن هل يجوز الاجتهاد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم؟ في هذا خلاف، والصواب أنه جائز بمعنى: أن الإنسان لو تكلم بالشيء في عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام-في حضرته وأقره الرسول - عليه الصلاة والسلام- فهو جائز، لكن قد يقال: إنه ربما يكون من سوء الأدب أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن فوائد هذا الحديث: حلم النبي صلى الله عليه وسلم وعدم توبيخه لمن اجتهد ولو أخطأ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي أعاد: "لك الأجر مرتين" مع أنه خالف السنة لكنه مجتهد.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا فعل العبادة يظن أن فعلها واجب عليه فإنه يثاب على ذلك ولو أخطأ؛ لأنه عمل طاعة لله وتقربا إليه فيؤجر على هذا.

ومن فوائد هذا الحديث: أن إصابة السنة خير من كثرة العمل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي لم يعد: "أصبت السنة". ومعلوم أن إصابة السنة خير من كثرة العمل.

فإن قال قائل: وهل لو أعاد أحد الآن بعد أن تبينت السنة لو أعاد الصلاة بعد وجود الماء هل يؤجر أو لا يؤجر؟

نقول: إنه لو كان علم بالسنة فإنه لا يؤجر، بل لو قيل: إنه يأثم لكان له وجه؛ لأنه إذا وجد الماء بعد انتهاء الصلاة، فإنه ليس عليه إعادة، لكنه لو لم يعلم بالسنة وأعاد بناء على أن ذلك هو الواجب عليه فإن الحكم واحد؛ بمعنى: أن الحكم الذي حكم به الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أعاد ينطبق تماما على من جهل السنة في عصر وأعاد.

ومن فوائد هذا الحديث: تشجيع من أصاب السنة في عمله حتى يقوى على معرفة السنة ليكون مصيبا لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أصبت السنة"، ولم يقل: "أجزأتك صلاتك" فقط، أو ما أشبه

<<  <  ج: ص:  >  >>