أن يموت" هذا أيضا ليس بقيد؛ لأن التيمم يجوز وإن لم يخف الموت حتى لو خاف المرض، أو استمرار المرض وتأخر برئه، فإنه يجوز أن يتيمم كما في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه. فإنه تيمم خوفا من البرد مع أنه لم يخف الموت، لكن خاف أن يتضرر بالبرد إن اغتسل فتيمم.
إذن نأخذ من هذا الحديث أن ابن عباس رضي الله عنهما يرى أن المراد بالمرض هنا: الجروح التي حصلت من الجهاد في سبيل الله، أو من غيرها، ولكنه رضي الله عنه زاد أنه يخاف الموت، وفي كلا المرين نظر، أما الأول: فقلنا: إن هذا على سبيل المثال إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله، فهاذ على سبيل المثال، وليس مراده التخصيص كذلك يخاف ان يموت هذا أيضا على سبيل المثال، وليس على سبيل القيد؛ لأن ابن عباس رضي الله عنهما لا يخفى عليه مثل هذا الحكم الذي تعم البلوى به.
ويستفاد من هذا الحديث: أن من كان عليه جراحة ويخاف إذا غسلها أن يتضرر بموت أو بما دونه فإنه يتيمم؛ من أين أخذ؟ أخذ من عموم قوله:{وإن كنتم مرضى}[النساء: ٤٣]. وأخذ من قوله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم}[التغابن: ١٦]. وأخذ من قوله تعالى:{ولا تقتلوا أنفسكم}[النساء: ٢٩]. كل هذا يدل على أن الإنسان إذا كان به جرح يتضرر بالماء فإنه يتيمم.
قال العلماء - رحمهم الله-: إذا كان في الإنسان جرح فإن كان الماء لا يضره إاذ غسله وجب عليه الغسل؛ لأنه مستطيع، وإذا كان يضره لكن لا يضره المسح به فإنه يمسح به، وإن كان يضره حتى المسح فإنه يتيمم، وهذا الترتيب يؤخذ من عموم قول الله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم}، أما وجوب الغسل إذا لم يتضرر فظاهر، وأما وجوب المسح فلأن المسح بالماء أقرب من التيمم، فيؤخذ بالأقرب فالأقرب، وأما إذا كان يضره حتى المسح فإنه يتيمم، فهو بالقياس على أنه إذا عجز عن استعمال الماء في بعض البدون فهو كالذي يعجز عن استعمال الماء في البدن كله؛ إذ إن التيمم بدل عن طهارة الماء.
وقال بعض العلماء: إنه إذا لم يستطع ان يغسل الجرح سقط عنه المسح والتيمم، وقالوا: إن الله يقول: {فاتقوا الله ما استطعتم} وهذا لا يستطيع الغسل فيسقط عنه، لكن الصواب ما ذكرنا من أنه على الترتيب الآتي: أولا: الغسل، ثم المسح، ثم التيمم.
وإذا قلنا بالتيمم فهل يجب عليه مراعاة الترتيب والموالاة؟
نقول: إذا كانت الطهارة عن غسل فالغسل عن المشهور عند الفقهاء لا يشترط فيه ترتيب ولا موالاة، وعلى هذا فإذا كان في يده جرح يضره استعمال الماء غسلا ومسحا، وقلنا بوجوب