التيمم فله أن يؤخر إلى أن يريد الصلاة، ولو طال الفصل، هذا إذا كان غسلا عن جنابة؛ لأنه لا تشترط الموالاة على المشهور، يعني مثلا: إنسان قام من الليل فوجد نفسه مجنبا باحتلام وفيه جرح لا يمكن أن يمسجه، وقلنا: يجب عليك أن تيمم عنه فاغتسل الرجل وخرج إلى المسجد وتيمم في المسجد بعد مدة يجوز أو لا؟ يجوز بناء على أن الغسل لا تشترط فيه الموالاة، وإذا قلنا باشتراط الموالاة فإنه يجب أن يتيمم عنه فور انتهائه من الاغتسال لئلا تفوت الموالاة، أما الترتيب فلا يجب؛ لأن الغسل يعتبر البدن فيه عضوا واحدا.
أما إذا كان عن وضوء؛ يعني: رجل توضأ وفي يده جرح يضره استعمال الماء غسلا ومسحا فالواجب التيمم، متى يتيمم؟ يتيمم إذا غسل وجهه تيمم، لنفرض أن الجرح في اليسرى نقول: اغسل وجهك، ثم اغسل اليد اليمنى، ثم ما لا يتضرر غسله من اليد اليسرى، ثم تيمم في الحال؛ لأنه يجب في الوضوء الترتيب والموالاة، فعليه أن يتيمم على الجرح في موضع الجرح، وهذا يؤدي إلى المشقة لأنه لابد أن يكون عنده منشفة يتنشف حتى إذا تيمم على الجراحة وفيه مشقة، ولا أظن أن الشريعة تأتي من هذا؛ ولهذا كان القول الراجح في الوضوء عن العضو أنه لا يشترط فيه ترتيب ولا موالاة، وأن له أن يؤخر التيمم إلى أن يفرغ من الوضوء كاملا، بل وإلى أن يصل إلى المسجد؛ وذلك لأن الطهارة الآن اختلفت عن طهارة الماء فلا يشترط فيها ترتيب ولا موالاة.
ولو قال قائل: نسقط الترتيب؛ لأن الطهارة هذه من غير جنس الأولى، ولا نسقط الموالاة، لو قال قائل بهذا لكان له وجه، كيف؟ الترتيب فيمن بيده جرح، ما هي المراحل؟ يجب أولا الغسل، ثم المسح، ثم التيمم، وإذا قلنا بالتيمم فهل تجب مراعاة الترتيب والموالاة؟
الصحيح: أنه لا يشترط فيه ترتيب ولا موالاة، وعمل الناس الآن عليه تجد الإنسان الذي فيه جرح لا يمسحه ولا يغسله يتوضأ، وإذا جاء إلى المسجد تيمم.
فإن قال قائل: إذا لم يخفف ضررا ولا موتا لكن خاف أن يتأخر برؤه بمعنى: أنه إن غسله تأخر برؤه، وإن لم يغسله برأ سريعا، فهل له أن يتيمم؟
الجواب: نعم له أن يتيمم؛ لأن تأخر البرء نوع من الضرر، ثم لا يدري لعله إذا تأخر برؤه عاد عليه، فلذلك نقول: إذا خشي الموت أو الضرر أو تأخر البرء، أما إذا خشي بقاء أثر شيء لو استعمل الماء؛ بمعنى: لا يخشى ان يتأخر البرء؛ ولا أن يتضرر، ولا أن يموت، ولكن يخشى أن يبقى أثر شيء مكان الجرح فهل له أن يتيمم؟ الجواب: نعم؛ لأن هذا يتأذى به ولا شك فله أن يتيمم؛ لأن الأمر - الحمد لله- واسع في هذه المسألة. إذا خاف أن يزكم وعليه جنابة من جماع؟ إذن نقول فيه تفصيل المهم إذا كان يخشى من الضرر أو من الأم فلا بأس.