إنسان يشرب الدخان وليس معه نقود وضاقت عليه الأرض بما رحبت، فقال: الحمد لله عندي حديث عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: «من سألكم بالله فأعطوه»، فذهب إلى رجل وقال: أسألك الله أن تعطيني مائة ريال أشتري بها دخانا، فهل يجوز؟ لا، لا يجوز، لأن الله يقول:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢]. ولا أعطيه، لكن أعطيه ما هو خير من ذلك وهو النصيحة، وأقول: اتق الله، انظر ماذا حدث لك من الدخان؟ صرت تتكفف الناس، فأعطيه ما هو خير من المال. إذا سألني شيئاً مباحاً لكن تتعلق حاجتي به، مثل أن رأى معي ساعة أعجبته تماماً وهي تتعلق بها حاجتي فقال: أسألك بالله أن تعطيني الساعة هل يلزمك؟ لا يلزمك؛ لأننا لو فتحنا هذا الباب وقلنا: يلزم لا نكب الناس علينا، وكلما رأوا معنا شيئاً يعجبهم سألونا بالله أن نعطيهم إياه، وهذا لا تأتي به الشريعة، إذن هذه الإطلاقات تكون مقيدة بما علم من قواعد الشريعة وهي إتباع المصالح واجتناب المفاسد. «ومن أتى إليكم معروفاً فكافئوه» يعني: إذا أحسن إليك إنسان بصدقة أو هدية أو هبة أو كلمة طيبة أو غير ذلك فكافئوه؛ أي: أعطوه ما يكافئه، مثلا: أثنى عليك في مجلس كافئه، أثنى عليه بما هو فيه في مجلس آخر، أهدى إليك هدية قبل الهدية وكافئه، كذلك أيضا سعى لك في خير كافئه، فإن لم تجد ما تكافئه، فادع الله له، مثل رجل أهدى إليك هدية ضخمة ولا تستطيع أن تكافئه فادع الله له، وهذا الدعاء يقابل المعروف الذي أتى إليك، وكذلك أيضا إذا كان هذا الذي أتى إليك معروفاً تجري العادة بمكافأته مثل السلطان والأمير والابن وغير ذلك، هذا لم تجر العادة بمكافأته فماذا أصنع؟ أكافئه بالدعاء، فقول الرسول:«لم تجدوا» نقول: وكذلك إذا لم تجر العادة بمكافأته ورأى هو أنك إن كافأته لكان هذا يعني رد معروفه، فهنا أرشد النبي (صلى الله عليه وسلم) أن ندعو له. في هذا الحديث فوائد: منها: وجوب تعظيم الله (عز وجل) لقوله: «من استعاذكم بالله فأعيذوه». ومنها: جواز الاستعاذة بالله تعالى من كيد الأعداء؛ لقوله:«من استعاذكم بالله فأعيذوه»، وأما من استعاذ بالله لدفع واجب عليه فهذا لا يعاذ. ومنها: أن من سأل بالله على الوجهين [اللذين ذكرناهما] فإنه يعطى، ومن سأل على غير هذا الوجه فإنه لا يعطى. ومنها: مكافأة من أتى إليك معروفاً، وهل المكافأة واجبة؟ تقول: ظاهر الحديث الوجوب. ومنها: أن من عجز عن شيء فإنه قد يكون له بدل، وقد يكون ليس له بدل ومسألتنا هذه لها بدل، وهو الدعاء. ومنها: حسن الشريعة الإسلامية، حيث جعلت لمن صنع المعروف مكافأة لينشط فاعل المعروف على بذل المعروف.