-حتى لو غلب على ظنه النجاسة؛ لأن الأصل الطهارة، لكن إذا قوي الظن في النجاسة فالورع تركه، وعلى هذا فإذا تعارض ورع وواجب، مثل ألا يكون عندهم إلا هذا الماء المشتبه الذي يغلب على ظنه أنه تغير بنجاسة، فنقول: لدينا الآن اجتناب تورعاً، ولدينا استعمال وجوباً فأيهما نقدم؟ الثاني: أي: الاستعمال وجوباً، أما مع وجود غيره فلاشك أن الورع تجنبه، وعليه أن يتوضأ من الماء الذي لا إشكال فيه.
*قال ابن رجب:
وما أصله الحظر كالأبضاع ولحوم الحيوان، فلا يحل إلا بيقين حله من التذكية والعقد.
*تعليق الشيخ:
-ما أصله الحظر في الأبضاع؟ مثلا هذا الرجل إذا شك في المرأة هل عقد عليها عقداً صحيحاً أو لا فما الأصل؟ المنع حتى نتيقن أنه استباح هذا الفرج بعقد صحيح، كذلك اللحم، الأصل فيه التحريم ليس الحيوان، الحيوان الأصل فيه الحل، لكن اللحم الأصل فيه التحريم حتى نعلم أنه ذكي على وجه شرعي، لكن إذا علمنا أنه ذكي فهل الأصل أن المذكي سمى أو لا؟ نقول: الأصل أنه سمي؛ لما رواه البخاري عن عائشة (رضي الله عنها) أن قوماً أتوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا: يا رسول الله: إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال:«سموا أنتم وكلوا» قالت وكانوا حديث عهد بكفر؛ لأن الأصل أن الفعل إذا صدر من أهله فهو صحيح حتى يقوم دليل الفساد.
*قال ابن رجب:
فإن تردد في شيء من ذلك لظهور سبب آخر رجع إلى الأصل فبني عليه، فيبني فيما أصله الحرمة على التحريم، ولهذا نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن أكل الصيد الذي يجد فيه الصائد أثر سهم غير سهمه، أو كلب غير كلبه، أو يجده قد وقع في ماء، وعلل بأنه لا يدري: هل مات من السبب المبيح له أو من غيره؟
*تعليق الشيخ:
-فإن علم أنه مات من السبب المبيح حل يعني: مثلا لو أن هذا الطائر رماه وهو على غصن شجرة تحتها ماء فسقط الطائر، وقد تمزق بدنه من الرصاص ثم أدركه ميتاً فهنا يحل أو لا؟ يحل، لأنني أدري أنه مات بالرمي، أما لو كان بالرصاصة في جانب من بدنه ثم وجدته ميتاً، فهذا لا يحل، لأني لا أدري أمات بالرمي أو مات بالماء؟