وفي «السنن» عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «من أعطى لله، ومنع لله، وأحب لله، وأبغض لله، فقد استكمل الإيمان». ومعنى هذا أن حركات القلب والجوارح إذا كانت لله فقد كمل إيمان العبد بذلك، ظاهراً وباطناً، ويلزم من صلاح حركات القلب صلاح حركات الجوارح، فإذا كان القلب صالحاً ليس فيه إلا إرادة الله وإرادة ما يريده لم تنبعث الجوارح إلا فيما يريده الله، فسارعت إلى ما فيه رضاه، وكفت عما يكرهه، وعما يخشى أن يكون مما يكرهه وإن لم يتيقن ذلك. قال الحسن: ما نظرت ببصري، ولا نطقت بلساني، ولا بطشت بيدي، ولا نهضت على قدمي حتى أنظر على طاعة أو على معصية؟ فإن كانت طاعة تقدمت، وإن كانت معصية تأخرت. وقال محمد بن الفضل البلخي: ما خطوت منذ أربعين سنة خطوة لغير الله -عز وجل.
*تعليق الشيخ:
-مثل هؤلاء يقولون عن أنفسهم ذلك قد يقول قائل: أليس في هذا تزكية للنفس؟ فيقال: الأعمال بالنيات، والقوم لم يريدوا أن يزكوا أنفسهم عند الناس أهم شيء أن تكون أنفسهم زكية عند الله، لكن يقولون مثل هذا ليقتدي الناس بهم هذا قصدهم وليس قصدهم أن يمتدحوا عند الناس وأن يزكوا أنفسهم، لأن هذا لا يمكن أن يقع من مثل هؤلاء الأتقياء.
*قال ابن رجب:
وقيل لدواد الطائي: لو تنحيت من الظل إلى الشمس، فقال: هذه خطأ لا أدري كيف تكتب؟ !
*تعليق الشيخ:
-نقول: إنه لو تنحى من الظل إلى الشمس في أيام الشتاء لعلم أنها تكتب ماذا تكتب؟ تكتب حسنة؛ لأنه أراد بذلك الرفق بنفسه، والرفق بالنفس لاشك أنه خير وأنه جاءت به الشريعة، إن لنفسك عليك حقاً فهو -يرحمه الله- لا يفعل حتى الشيء المعلوم حسنة لا يفعله حتى يعرف كيف يكتب؟ !
*قال ابن رجب:
فهولاء القوم لما صلحت قلوبهم، فلم يبق فيها إرادة لغير الله (عز وجل) صلحت جوارحهم، فلم تتحرك إلا لله (عز وجل) وبما فيه رضاه والله تعالى أعلم.