وفي صحيح الحاكم عن عائشة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة الظلماء، وأدناه أن تحب على شيء من الجور، وأن تبغض على شيء من العدل، وهل الدين إلا الحب والبغض؟ قال الله (عز وجل): {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران: ٣١]. فهذا يدل على أن محبة ما يكرهه الله، وبغض ما يحبه متابعة للهوى، والمولاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفي، ويدل على ذلك قوله:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} فجعل الله علامة الصدق في محبته إتباع رسوله، فدل على أن المحبة لا تتم بدون الطاعة والموافقة. قال الحسن: قال أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم): يا رسول الله، إنا نحب ربنا حباً شديداً. فأحب الله أن يجعل لحبه علما، فأنزل الله هذه الآية:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران: ٣١]. ومن هنا قال الحسن: اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته. وسئل ذو النون: متى أحب ربي؟ قال: إذا كان ما يبغضه عندك أمر من الصبر. وقال بشر بن السري: ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغضه حبيبك.
*تعليق الشيخ:
-ولذلك قال ابن القيم (رحمة الله):
(أتحب أعداء الحبيب وتدعي ... حبا له ما ذاك في الإمكان)
فلا يمكن أن يدعي الإنسان حب الله وهو يحب أعداء الله هذا مستحيل.
*قال ابن رجب:
وقال أبو يعقوب النهر جوري: كل من ادعى محبة الله (عز وجل)، ولم يوافق الله، في أمره، فدعواه باطلة. وقال رويم: المحبة: الموافقة في كل الأحوال، وقال يحيى بن معاذ: ليس بصادق من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده، وعن بعض السلف قال: قرأت في بعض الكتب السالفة: من أحب الله لم يكن عنده شيء آثر من رضاه، ومن أحب الدنيا لم يكن عنده شيء آثر من هوى نفسه.