وإذا تزوج الثيب قام عندها ثلاثا". قوله: "من السنة" هنا يعني: السنة الواجبة، ومن ذلك أيضا قول ابن عباس رضي الله عنهما حين جهر في قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة، قال: "إنما فعلت ذلك ليعلموا أنها سنة". يعني: واجبة.
أما السنة التي تكون للاستحباب فهو ما جاء في حديث ابن مسعود- وإن كان فيه شيء من النظر-: "من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة". ومعنى هذا الحديث هذه سنة ليست بواجبة ولكنها سنة مستحبة.
هذا الذي معنا إذا صح هذا الأثر "من السنة ألا يصلي" هل هي من السنة الواجبة أو من السنة المستحبة؟ يحتمل الأمران، وإنما استحبت على سبيل الاحتياط.
أما معنى هذا الحديث فظاهره أن الرجل إذا تيمم للصلاة فإنهيتيمم للصلاة الأخرى، لكن هل المراد للصلاة الأخرى يعني إذا دخل وقتها أو للصلاة الأخرى ولو في وقت الأولى كالصلاتين مجموعتين؟ إن نظرنا إلى ظاهر الحديث وقلنا: يتيمم للصلاة الأخرى، فظاهره أنه إذا سلم من الصلاة الأولى تيمم للصلاة الثانية، لكن الظاهر لي أنه غير مراد، وأن مراده للصلاة الأخرى يعني: في وقتها، وهو بمعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم للمستحاضة: "توضئي لكل صلاة" أي: لوقتها، لكن هذا الأثر - كما ترون- أثر ضعيف جدا، ولم يقل المؤلف: له شاهد.
وعلى هذا فنقول: الحديث ضعيف لا يعمل به، ونبقى على الأصل من أن الإنسان إذا تيمم لصلاة وبقي على طهارته فإنه لا يلزمه إعادة التيمم إذا دخل وقت التيمم، وقد قررنا هذا في أول كتاب التيمم، وبينا أن التيمم مطهر رافع للحدث إلى متى؟ إن أن يزول سبب إباحته إما بوجود الماء إن كان التيمم عن عدم الماء، وإما بزوال العذر إذا كان لعذر هذا هو الصحيح.
ما حكم هذه الصيغة "من السنة" إذا قالها الصحابي، هل نقول: إنها موقوفة أو إنها مرفوعة؟
قال أهل المصطلح: إنها مرفوعة، لكنها مرفوعة حكما؛ لأن الراوي لم يصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم قالها أو فعلها، أو فعلت عنده وأقرها، أو قيلت عنده وأقرها، إنما قال: "من السنة" فإذا رأيت "من السنة" من قول الصحابي فإنه مرفوع حكما؛ لأن الصحابي لا يمكن أن يقول من السنة إلا وهو يريد سنة الرسول - عليه الصلاة والسلام- لاسيما إذا قال ذلك على سبيل الاستدلال، فإنه إن قال ذلك على سبيل الاستدلال، فمعلوم أن الدليل إنما هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم.