للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستغفرون الله فيغفر لهم"، أنت وإن كثر خطؤك لا تيأس تُب إلى الله ويمحى الخطأ حتى ولو تكرر، واعلم أن التوبة هي: الرجوع إلى الله عز وجل من معصيته إلى طاعته وشروط قبولها خمسة:

الأول: إخلاص النية لله، والثاني: الندم على ما وقع، والثالث: الإقلاع عنه في الحال والرابع: العزم على ألا تعود، والخامس: أن يكون هبل رد التوبة.

الأول: الإخلاص لله وهذا أساس كل عمل صالح لابد فيه من الإخلاص لله وإلا كان مردوداً كما قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه".

الثاني: الندم بحيث يتحسر ويتأسى، والا يكون فعله للذنب وعدمه سواء.

والثالث: الإقلاع عن الذنب.

والرابع: العزم على ألا يعود.

والخامس: أن يكون قبل وقت رد التوبة، لو تاب الإنسان إرضاءً لوالده لا تقرباً إلى الله تعالى أتقبل التوبة؟

لا، لابد من الإخلاص لله عز وجل لو تاب بلا ندم وأقلع عن الذنب لكن كأن الذنب لم يمر عليه ولا نَدِمَ ولا تأثر هذا أيضاً لا تقبل توبته؛ لأنه لابد من أن يشعر الإنسان بأنه مذنب.

والثالث: لو تاب الإنسان من السرقة، إنسان سرق وتاب من السرقة، ولكن المال المسروق لم يرده إلى صاحبه أيقبل؟ لا، لأنه لم يقلع.

إذا قال قائل: الإقلاع بالنسبة للأموال واضح أن الإنسان يرد الأموال إلى أهلها، لكن إذا كان الإنسان لا يعلم أهلها بأن كان قد أخذ دراهم من إنسان وتاب ولكن لا يدري وهذا يقع أحياناً، مثلاً يأخذ من صاحب الدكان حاجة وينتقل صاحب الدكان ولا يدري أين ذهب ماذا يصنع؟

يتصدق بها تخلصاً منها لصاحبها، فإن تصدق بها تقرباً إلى الله لم تنفعه ولم تنفع صاحبها، لأنها لا تقبل حيث إنها حرام، ولن تنفع صاحبها لأنه لم ينوها له فيطالبه صاحبها بها يوم القيامة، إذا كانت المظلمة غير مال، مثلاً إنسان اغتاب شخصاً فكيف يتخلص؟

قال العلماء: يذهب إلى هذا الرجل الذي اغتابه ويقول: سامحني حللني، وإذا قال سامحني حللني هل من المستحسن أن يقول: ما الذي قلت فيَّ؟ لا.

إذن يسامحه عن حق مجهول ولا يضر ولا يسأل لأنه ربما لو سأله وأخبره كان ذلك عظيماً في نفسه ثم لا يسامحه، لكن إذا قال: أنت مسامح فهذا طيب ولو كان مجهولاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>