وقال: إنه لا يمكن أن تتزوجي حتى يمضي عليك أربعة أشهر وعشر، فلفت عليها ثيابها وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله، وأخبرته بما قال أبو السنابل بن بعكك فقال:"كذب أبو السنابل" أي أخطأ لأن أبا السنابل ما تعمد الكذب ولكنه أخطأ في كونه أخبرها بحكم ليس شرعياً.
ومن فوائد الحديث: تحريم إخلاف الوعد، وجهه أنه من آيات النفاق، وظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن يكون بإخلاف الوعد ضرر على الغير أو لا يكون، وهذا هو الصواب أن الوفاء بالوعد واجب سواء تضمن ضرراً أم لم يتضمن، أما إذا تضمن ضرراً فلا شك في تحريمه مثل أن يأتينا رجل يستقرض مني مالاً ليشتري به حاجة سيارة أو بيتاً أو غير ذلك فيقول لي: أنا الآن ليس عندي شيء، أقول: لا توفيني إلا بعد سنة فالآن وعدته أنني لا أطالبه إلا بعد سنة، ولما مر أشهر طالبته، قلت: أعطني قرضي، هذا إخلاف فيكون حراماً، ولهذا كان القول الراجح أن القرض إذا أجل يتأجل وأنه لا يجوز للمقرض أن يطالب به حتى يتم الأجل، وذهب كثير من العلماء إلى أن الوفاء بالوعد سنة، لكن لا وجه لما قالوا، وكيف نقول: إن الكذب حرام والإخلاف ليس بحرام مع أن الحديث واحد وهو آية النفاق.
ومن فوائد الحديث: الرد على أولئك الذين يتبجحون بالغربيين ويقولون: هم أهل الوفاء بالوعد وإذا أراد أحدهم أن يؤكد الوفاء قال: وعد إنجليزي يعني: الإنجليز هم أهل الوفاء والمسلمون ليسوا أهل الوفاء، وهذا واقع من بعض المسلمين -نسأل الله لنا ولهم الهداية- واقع أن بعض المسلمين لا يهمه أن يوفي بالوعد أو لا سواء وقع ضرر بأخيه أو لم يقع، لكن كوننا نقول: الوعد إنجليزي هذه غفلة وهضم للإسلام، الوعد الذي لا يخلف هو وعد المؤمن والشريعة التي جاءت بالوفاء هي الدين الإسلامي، كل الشرائع جاءت بالوعد، لأن هذا من الأمور العامة، إذن الإخلاف بالوعد حرام سواء تضمن ضرراً وصورته في القرض التي ذكرناها، أو لم يتضمن ضرراً كما لو أخلفه في موعد على أنهم يسيروا في أطراف البلد فأخلفه هذا قد لا يتضرر به صاحبه ولكنه حرام لابد أن يفي بالوعد.
الخصلة الثالثة: وهي أشدها وأعظمها إذا ائتمن خان ولم يؤد الأمانة، وهذا يشمل الائتمان على العرض وعلى المال وعلى القول أي شيء يؤتمن عليه فإنه إذا خان فهو من المنافقين أو فقد اتصف بصفات المنافقين، مثال ذلك: رجل وضع عند آخر دراهم وديعة فاحتاج المودع إلى هذه الدراهم وأنفقها بناء على أنه سوف يردها على صاحبها هذه خيانة، لو قال: إن صاحبها يأذن لي قلنا: إن كنت صادقاً استأذن منه إنسان ائتمنك على حديث وقال: هذا بيني وبينك، ثم إن هذا المخاطب أفشى الحديث وأظهره، هذا اتصف بصفة من صفات المنافقين هذا ائتمن