بريرة لمغيث، والغالب أن القلوب تتبادل البغضاء والمحبة، "ولا تدابروا" أي: لا يولي أحدكم أخاه دبره وهذا يشمل التدابر المعنوي والتدابر الحسي، التدابر المعنوي: أن تختلف وجهات النظر وأن يبتعد كل وا حد منهما عن الآخر وأن يفسقه ويضلله ويبدعه هذا تدابر، والذي ينبغي من المسلمين أن تكون وجهتهم واحدة وأنه إذا خالف أحد في الرأي حاولوا أن يجذبوه إليهم فإن أبى فإنه لا يضر يجب ألا يؤثر اتجاه بعضهم إلى بعض، أما التدابر الحسي فمعناه أن كل واحد يولي الآخر دبره، ولهذا وصف الله أهل الجنة بأنهم على سرر متقابلين، فالتدابر منهي عنه، وعندي وإن كنت لا أجزم به كثيراً أن منه ما يفعله بعض الناس الآن إذا انتهى من الصلاة وسلم تقدم على الصف فاستدبر إخوانه، ثم إنك تشعر بأن هذا الذي تقدم يشعر بأنه يرى في نفسه شيئاً من الزهو، هذه الجلسة تدل على أن الإنسان عنده شيء من الغرور، وإن كنا لا نتهم أحداً بما في قلبه، القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب، لكن لماذا بعض الناس يقول: تعبت والصف متراص؟ نقول: الأمر واسع قم إلى مؤخر المسجد أو مقدم المسجد واجلس كيف شئت أما أن تتقدم شبراً أو نحوه وتولي إخوانك ظهرك فهذا ثقيل عليهم، ولهذا بعض الناس شكا إليّ هذا الأمر قال: أنا أتضايق من هذا إذا صلى جنبي وتقدم عليَّ أتضايق، إذن التدابر ينقسم إلى حسي ومعنوي.
"ولا يبع بعضكم على بيع بعض" هذا أيضاً من الآداب ألا يبيع الإنسان على بيع أخيه بأن يقول لمن اشترى شيئاً بعشرة: أنا أعطيك مثله بتسعة، إنسان اشترى هذه بعشرة فذهب واحد من الناس فقال: أنا أعطيك مثلها بتسعة أو أعطيك أحسن منها بعشرة، فإن قلت: أنا أعطيك مثلها بعشرة هل هو بيع على بيعه؟ لا لأن الأول لا يردها على صاحبها هذا زيادة تكلف، لكنه لا يكون بيعاً على بيع إلا إذا كان أنقص ثمناً أو كانت السلعة أجود صفة هذا حرام وظاهر الحديث أنه لا يبيع على بيع أخيه سواء كان بعد لزوم البيع أو قبل لزوم البيع، بمعنى أنه لا فرق بين أن يكون في مدة الخيار أو بعد لزوم البيع، أما إذا كان في مدة الخيار فالتحريم ظاهر.
مثل ذلك اشترى سلعة بمائة ريال وجعل الخيار له لمدة يومين فذهب إنسان إلى المشتري وقال: أنا أعطيك مثلها بتسعة أو خيراً منها بعشرة هذا واضح أنه حرام لماذا؟ لأن المشتري سوف يسرق البيع مباشرة يذهب إلى البائع ويقول: رجعت، لكن إذا كان بعد زمن الخيار يعني: بعد لزوم البيع حيث لا خيار فهل يحرم البيع على بيع أخيه؟ قال بعض العلماء إنه لا يحرم لأنه لو أراد أن يفسخ البيع لم يتمكن ولكن الصحيح أنه عام، والضرر من البيع على بيع أخيه بعد لزوم البيع هو أن يقع في قلب المشتري حسرة وندم، وهذا قد يولد في قلبه بغضاً للبائع، ويقول: غلبني خدعني ثم ربما يحاول أن يجد عيباً في السلعة ليردها على صاحبها؛