الوجوب لا نأخذه من هذا الحديث, إنما نأخذه من أدلة أخرى مثل قوله تعالى: {فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [الأنبياء: ٧].
ومن فوائد هذا الحديث: جواز إطلاق الفتيا في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى: أنه يصح أن نقول: إن الرسول مفت, وهذا أمر لا إشكال فيه؛ لأنه إذا جاز في حق الرب عز وجل فجوازه في حق الرسول من باب أولى, أليس الله تعالى يقول: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن} [النساء: ١٢٧]. {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} [النساء: ١٧٦].
ومن فوائد هذا الحديث: أن الشيطان قد يسلط على بني آدم تسليطًا حسيًا, لكن التسليط المعنوي واضح؛ يعني: إلقاء الوسوسة في القلب بالوساوس الخبيثة الرديئة هذا ثابت ولا إشكال فيه, لكن هذا تسليط حسي؛ لأن كونها تمرض بركضة من الشيطان يدل على أن للشيطان تسلطًا, وهو كذلك؛ ولذلك إذا ولد المولود فإن الشيطان يضرب في خاصرته ولذلك يبكي عند الولادة كما جاء في الحديث: «إذا استهل المولود صارخًا ورث». وربما يكون أيضًا من تسليط الشيطان أن يغفل حتى يقع في حفرة أو يضربه حجرًا أو ما أشبه ذلك, وهذا يقع كثيرًا يكون الإنسان ذكيًا فطنًا لكن لا يدري في يوم من الأيام إلا وهو قد صدم جدارًا أو وقع في حفرة, أو صدم حجرًا في غفلة منه, وهذا يمكن أن يكون من تسلط الشيطان يغفله حتى يوقعه في هذا الضرر, وقد قال غلام موسى لموسى: {فإن نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} [الكهف: ٦٣].
ومن فوائد هذا الحديث: رجوع المستحاضة إلى عادة النساء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كما تفعل النساء» , ولكن متى يكون هذا؟ يكون في المرأة التي ليس لها عادة ولا تمييز فهذه ترجع إلى عادة النساء, ولكن من أين تبتدئ من نصف الشهر, من أوله, من آخره؟ تبتدئ من أول يوم أتاها الدم فيه, مثلًا إذا كان أتاها أول مرة في اليوم العاشر من الشهر يكون الشهر الثاني تجلس من اليوم العاشر ستة أيام أو سبعة, وإن أتاها من أول يومٍ من الشهر جلست من أول يوم, فإن نسيت متى أتاها تبتدئ من أول الشهر الثاني؛ مثلًا هي علمت بأنه أتاها الحيض في محرم واستحيضت من حين أتاها الحيض لا عادة ولا تمييز, ولكنها تقول: لا أدري هل أتاني في أول الشهر أو وسطه, أو آخره, تجعله من أوله ممن باب الاحتياط {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦].
ومن فوائد هذا الحديث: أن الصوم والصلاة يحرمان على الحائض لقوله: «وصومي وصلي» , وهذا أمر مجمع عليه, وظاهر هذا الحديث أنها لا تصوم حتى تغتسل وتستنقي؛ لأنه