قال: «فإذا استنقأت أربعًا وعشرين فصومي وصلي» , لكنه باعتبار الصوم غير مراد؛ لأن الحائض يصح منها أن تصوم إذا طهرت من الحيض قبل الاغتسال كامرأة طهرت قبل الفجر بربع ساعة, ولم تغتسل إلا بعد الفجر فهل لها أن تشرع في الصوم قبل الاغتسال؟ الجواب: نعم؛ لأن شأنها حينئذٍ كشأن الجنب, والجنب قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصبح صائمًا وهو جنب من جماع, صلوات الله وسلامه عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أن عادة النساء قد تكون ستة أيام, أو سبعة, وهل المرأة مخيرة بين هذا وهذا؟ الجواب: لا؛ لأن تخييرها مشكل لأنها في اليوم السابع إما أن نقول: إن الصلاة حرام عليها, أو نقول: واجبة عليها, وهذا تناقض, إذن كيف نعمل والرسول يقول: هذا أو هذا, نقول: «أو» هنا للتنويع وعليها أن تنظر إلى عادة نسائها, إما ستة أو سبعة وتعمل بذلك.
ومن فوائد هذا الحديث: الرجوع إلى الغالب, وهل يتناول هذا جميع الأحكام؟ الجواب: نعم, فمثلًا رجل حلف ألا يفعل شيئًا وفعله, ولكنه شك هل هو استثنى في الحلف وقال: إن شاء الله أو لا؛ لأنه إن استثنى فلا حنث عليه, وإن لم يستثن فقد حنث, وعليه الكفارة, نقول: انظر إلى الغالب, ما هو غالب أيمانك, هل الغالب أنك إذا حلفت استثنيت فالحكم للغالب, وأما إذا كان الغالب ألا تستثني أو ترددت أيهما أغلب فإنه تجب عليك الكفارة؛ لأن الأصل عدم الاستثناء.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الغالب في النساء أن يحضن في كل شهر مرة؛ لقوله: «فافعلي كل شهر» , وهذا هو الواقع أن الغالب في النساء أن يحضن كل شهر مرة, ويدل لذلك أن الله جعل عدة المطلقة التي تحيض ثلاث حيض, وعدة من لا تحيض ثلاثة أشهر, وهذا يدل على أن الحيض يأتي النساء في كل شهر.
ومن فوائد هذا الحديث: أن المستحاضة مخيرة بين أمرين, إما أن تغتسل عند انتهاء الحيض حكمًا, متى يكون هذا؟ إذا مرت ستة أيام أو سبعة, ثم تتوضأ لكل صلاة, وإما أن تغتسل لكل صلاة, ولكن فيما إذا طلبنا منها أن تغتسل لكل صلاة ينبغي لها أن ترفق بنفسها, وذلك بأن تجمع بين الظهر والعصر, وبين المغرب والعشاء.
ومن فوائد هذا الحديث: بيان صراحة نساء الصحابة - رضي الله عنهم - حيث قالت حمنة: «كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة» , ولقد قالت عائشة رضي الله عنها: «نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين».