ومن فوائد الحديث: وجوب الاستعانة بالله عز وجل مع فعل الأسباب، أين السبب؟ قوله:"احرص على ما ينفعك"، الاستعانة "واستعن بالله".
ومن فوائده: أن فعل الأسباب مقدم على التوكل والاستعانة؛ لأنه قال "احرص""واستعن".
فإن قال قائل: لا نسلم لهذه الفائدة؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب.
قلنا: نعم هي لا تقتفي لكنها لا تنافي الترتيب؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فى قوله تعالى:{إن الصفا والمروة من شعائر الله}[البقرة: ١٥٨]. قال حين دنا من الصفا:"أبدأ بما بدأ الله به"، قررنا أن الفعل يتقدم على الاستعانة لئلا يكون الإنسان متواكلاً لا متكلاً، يعني: لو قدم الاستعانة بالله على شيء لم يفعله فإنه لا يستقيم ولكن يقال: الأولى أن تكون الاستعانة مقارنة للفعل، بمعنى: أنه من حين أن يقوم بالفعل ينوي الاستعانة بالله لئلا يعجب بنفسه في أول الفعل، فالاستعانة - إذن - إما أن تسبق أو تتأخر أو تقارن، فأيهما المطلوب؟ المقارنة.
ومن فوائد الحديث: أنك إذا حرصت على ما ينفعك فلا تستعن يغير الله، نعم يقال: إنك إذا استعنت بغير الله فغيه تفصيل: إن كان لا تمكن الاستعانة به كما لو كان ميتاً أو غائباً فهذا لا يجوز، وهو من الشرك، وأن كان تمكن الاستعانة به فهذا دخل في قوله:"احرص على ما ينفعك"، فيكون من السبب، والاستعانة إنما هي لله عز وجل.
ومن فوائد الحديث: النهي عن الكسل والخمول، وهو يستلزم الثبات والاستمرار، يؤخذ من قوله:"لا تعجز" أي: لا تفتر عن العمل، وتترك العمل بل اثبت واستمر، ولهذا قال الله عز وجل:{يأيها الذين امنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلم تفلحون}[الأنفال: ٤٥].
ومن فوائد الحديث: ان الإنسان إذا فعل ما يلزمه من الأسباب النافعة واستعان بالله ثم صار الأمر على خلاف ما أراد، فهنا يجب عليه التفويض المطلق، وإلا فالواجب أن يفعل السبب، فمثلاً: لو إن أناساً يقاتلون عدواً ونفدت أجهزة القتال معهم أو تكسرت فهنا. ما بقي عليهم إلا التفويض الى الله عز وجل، يفوضون تماماً؛ لأنهم ما يستطيعون أن يفعلوا الأسباب، أما مع إمكان فعل الأسباب فإن الواجب فعل السبب؛ ولهذا نقول: إن من الاستهتار أن يذهب إنسان يقاتل بعصاه آو بسكين مطبخه مع أناس يقاتلونه بالدبابات والرشاشات ويقول: أنا متوكل على الله! ! هذا غلط، نعم لو أنك حوصرت ولم تستطع الفرار حينئذ قاتل ما استعطت بأي سلاح معك.