للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: النهى عن قول: "لو" يعنى: إذا فعلت الأسباب ولكن لم يحصل المقصود لا تقل: لو، وكما تعلمون أن الحديث يدل على ان النهي عن قول: "لو" إنما هو ني هذه الصورة المعية، وهي أن يكون الإنسان قد حرص على ما ينفع وبذل الأسباب واستعان بالله ثم اختلفت الأمور، منها لا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا مثال ذلك: رجل سافر إلي مكة لأداء العمرة واستعان بالله عز وجل، ثم أصيب بحادث قي أثناء الطريق فهل له أن يقول: لو أني ما سافرت لسلمت؟ لا؛ لأن الرجل ما ذهب ليصاب بالحادث، إنما ذهب لفعل ينفعه مستعينا بربه مستمراً على ما أراد، فحصل الأمر على خلاف المراد، فحينئذ يفوض الأمر إلى الله ولا يقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، وأما استعمال لو من حيث هو ففيه تفصيل: إن استعملت لمجرد الخبر فهي جائزة وليس فيها شيء مثل: أن تقول لصاحبك: لو جئتني لأكرمك، هذا ليس فيه شيء، بل خبر محض ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم "لو استقبلت من أمر ما استدبرت ما سقت الهدي"، الثاني: أن يقولها - أي: له - للتمني، فهذا على حسب ما تمناه، مثل أن يقول: لو أن لي مثل مال فلان لعلمت فيه مثل عمله، فهذا الذي تمناه إن كان خيراً فقول: "لو" خير وإن كان شراً فقول: "لو" شر، الثالث: أن يقولها على سبيل التحسر والندم، فهذه منهيٌ عنها كما في هذا الحديث.

ومن فوائد الحديث: أن قدر الله ٠ تبارك وتعالى ٠ فوق كل الأسباب، وأنها قد تأتي الأسباب تامة؛ ولكن قدر الله يحول بينها وبين مسبباتها؛ لقوله: "ولكت قل قدر الله".

ومن فوائد الحديث: إثبات القدر، وأنه سابق لإرادات كل مريد؛ لقوله: "ولكن قل قدر الله"/ وهل القول هنا باللسان ـو باللسان والقلب؟ باللسان والقلب.

ومن فوائد الحديث: إثبات الهيئة لله عز وجل وإثبات الفعل؛ لقوله: "وما شاء فعل"، واثبات الفعل لله عز وجل هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، فهم يثبتون لله الأفعال الاختيارية ويقولون: إن الله يفعل ما يشاء، والذين ينكرون الأفعال الاختيارية يقولون: لو قام بالرب فعل لكان حادثاً؛ لأن الفعل حادث، والحادث لا يقوم إلا بحادث، فيقال لهم: من قال لكم هذا بل قيام الأفعال بالله عز وجل تدل على كماله، وأنة يفعل ما يريد ويرزق، ويحيي ويميت ويعز ويذل، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل.

ومن فوائد الحديث: أن الشيطان قد يسلط على الإنسان لقوله: "فإن لو تفتح عمل الشيطان"، ولا شك أن الشيطان يسلط على المرء في إدخال الأحزان عليه وإدخال التحسر عليه وتشتيته في أمور لا أصل لها وتخيله أموراً لا حقيقة لها، كل ذلك من أجل إدخال الحزن على الإنسان، وإلي هذا يشير قوله تعالى: (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين امنوا وليس

<<  <  ج: ص:  >  >>