رفع صوته رفعاً خارجاً عن الأدب! هذا لا يجوز, ولا ينبغي أيضًا الإخفاء, واستثنى العلماء من الصورة الثانية -وهي رفع الصوت بالسلام- ما إذا سلم على قوم بينهم أناس نيام مثل: أن تدخل على حجرة فيها أناس مستيقظون وأناس نائمون فهنا لا ترفع صوتك سلم بقدر ما يسمع اليقظان ولا يوقظ النائم, وهذا من حسن الخلق وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك, إذا دل على قوم فيهم نيام فإنه يرفع صوته رفعاً يسمعه اليقظان ولا يحس به النائم, ويستثنى من قوله: «أفشوا السلام» وهو لفظ مطلق, فـ"أفشوا السلام" مطلق وكذا كل الأفعال لا تكون للعموم إنما هي تكون للإطلاق إذا لم تقيد, وهذا مما يفرق بين الأسماء والأفعال, الأسماء تكون للعموم لكن الأفعال لا تكون للعموم وإنما تكون للإطلاق فقوله: "أفشوا" هذا مطلق لكنه مقيد بما إذا كان المسلم عليه أهلاً للسلام عليه فأما إذا كان كافراً فلا تفشي السلام عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام» , وهل يدخل فيه الرد؟ أما الابتداء فظاهر, وأما الرد فيحتمل أن يكون داخلاً فيه وحينئذٍ نقول يؤمر الراد بأن يرفع صوته بحيث يسمعه المسلم.
الثاني: قال: «صلوا الأرحام» الأرحام جمع رحم وهم القرابات, قال أهل العلم: والقرابة من الجد الرابع فما دونه, والنصوص لصلة الأرحام لم تعين صلة معينة, وعلى هذا فيرجع فيه إلى العرف كما قيل في القواعد:
(وكل ما أتى ولم يحدد ... بالشرع كالحرز فبالعرف أحدد)
لم يبين كيف تكون الصلة, وعلى هذا فيرجع فيها إلى العرف, وإذا رجعنا فيها إلى العرف صارت تختلف باختلاف القرابة, فصلة الأقرب أوكد من صلة الأبعد, ثانياً: للحاجة, فصلة المحتاج أوكد من صلة المستغني, ثالثاً: بالحال النفسية, بعض القرابات لا يهمه أن تصله في الشهر مرة أو في السنة مرة, وبعض القرابات يريد أن تصله كل أسبوع, ولهذا إذا فقدك في أسبوع قال: لماذا لم تزرني؟ فهو أذن يختلف باختلاف ما يتعلق بالنفوس, فعليه يقول: كلما كان هناك صلة حسب الاختلاف الذي ذكرنا فهو داخل في قوله: «صلوا الأرحام» , وهل من الأرحام الأصهار؟ لا, الأصهار يعني: أقارب الزوج أو الزوجة, ليسوا من الأرحام إلا أن يكونوا من بني العم فحينئذٍ يكونون من الأرحام.
قال: «وأطعموا الطعام» يعني: من يحتاج إليه, فيشمل هذا إطعام الجائع, وإطعام من تجب