كانت بقول: اللهم اغفر لي، أو بقول: أستغفر الله، أو بقول: اللهم يا غفار، وغير ذلك، وما هي المغفرة؟ المغفرة: هي طلب العفو والتسامح عن الذنب وستر الذنب أيضاً، أخذنا هذين المعنيين -وهما العفو والستر- من الاشتقاق؛ لأن المغفرة مشتقة من المغفر، والمغفر هو ما يوضع على الرأس من حديد، أو نحوه لاتقاء السهام، ففيه ستر وفيه وقاية، "أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت" هذا فيه إثبات الربوبية، وإثبات الألوهية:"خلقتني" هذه نوع أو فعل مقتضى الربوبية؛ لأن معنى الربوبية: أنه خالق مالك مدبر، فيقول العبد: أنت ربي، ثم يقول: خلقتني، ثم يقول: وأنا عبدك، عبدك كوناً وشرعاً؛ لأن هذا القول من مؤمن، فأنا عبدك كوناً تفعل بي ما شئت، وأنا عبدك شرعاً أقوم بأمرك وأدع نهيك، "وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت"، "على عهدك": أي: ميثاقك، "ووعدك": أي: وعدك للثواب، ففي الأول التزام بالعمل، والثاني: إيمان بالجزاء، العهد أنا على عهدك التزام بالعمل؛ لأن الله أخذ علينا العهد والميثاق بما أعطانا من العلم والعقل، وبما بعث إلينا من الرسل أن نؤمن به ونعبده، "على وعدك" بالثواب والجزاء؛ أي: أني مصدق بالوعد، ففي هذا إيمان وعمل صالح، العهد يتضمن العمل الصالح، والوعد يتضمن الإيمان، ولكنه قال:"ما استطعت" أي: مدة استطاعتي أو مهما استطعت، فعلى الأولى تكون ما مصدرية ظرفية، وعلى الثاني تكون ما شرطية؛ أي: ما استطعت فأنا فاعله، والاستطاعة هي القدرة، ومنه قوله تعالى عن الحواريين حيث قالوا لعيسى:{هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مآئدةً من السماء}[المائد: ١١٢]. وهي مأخوذة من الطاعة؛ لأن الطاعة معناها فعل الشيء عن انقياد واختيار.
وقوله:"ما استطعت"، قد يقول قائل: هل هذه تعطي ترخيصاً أو تعطي التشديد، فما الجواب؟ يحتمل هذا وهذا، إنما هي تدل على أن الإنسان لابد أن يقوم بالعهد بقدر الاستطاعة، وأن ما وراء الاستطاعة ليس مكلفاً به، ومثله قوله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم}[التغابن: ١٦]. هي هيئة من وجه وشديدة من وجه آخر، من جهة أن الإنسان لابد أن يستنفذ جهده في فعل الطاعة تكون شديدة، ومن جهة أنه لا يكلف فوق طاقته تكون يسيرة.
"أعوذ بك من شر ما صنعت" بضم التاء، "أعوذ بك" أي: أعتصم بك، "من شر ما صنعت": أي: من الذنوب؛ فإن الذنوب كلها شر وموجبة للعقوبة، إلا أن يعفو الله عز وجل، "أبوء" بمعنى: