للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصفات: يعني المتوحد بصفاته وأفعاله، فلا يشابهه أحد ولا يماثله أحد، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى"، "باسمه" ليس المراد هنا: الاسم الواحد بل بما ذكر من أسمائه؛ وذلك لأن "اسم" مفرد مضاف فيعم، وعلى هذا فيكون باسمه؛ أي: بما ذكر من أسمائه، وهذه الصيغة فيما ذكر الله والأحد والصمد، فيكون المراد باسمه: العموم؛ أي: عموم ما ذكر باسمه الذي سئل به أعطي، وذلك لمحبته -تبارك وتعالى- بما تضمنته هذه الصيغة، "وإذا دعي به أجاب"، والفرق بين السؤال والدعاء: أن الدعاء أن تناجي الله عز وجل، والسؤال أن تطلب منه شيئا، فإذا قلت: اللهم، فهذا دعاء، أغفر لي هذا سؤال؛ ولهذا جاء في حديث النزول أن الله عز وجل يقول: "من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه ... ".

في هذا الحديث فوائد: أنه ينبغي أن يتوسل الإنسان في دعائه بهذه الصيغة، وجهة: أن النبي صلي الله عليه وسلم أثنى عليها، وبين أنها الاسم الذي إذا سئل الله به أعطى وإذا دعي به أجاب.

ومن فوائد الحديث: أن الإنسان قد يلهم ما يكون محبوبا إلى الله ورسوله؛ لأن الظاهر أن هذا الإنسان الداعي قال ذلك من عند نفسه، ويحتمل أن الرسول صلي الله عليه وسلم علمه إياه، ثم سمعه من هذا الداعي، لكن ظاهر الحديث الأول.

ومنها: تأييد من قال بالحق، وإن كان دون المؤيد، وجهة: أن الرسول صلي الله عليه وسلم أيد هذا الداعي مع أنه دون الرسول صلي الله عليه وسلم.

ومن فوائد الحديث: التوسل إلى الله عز وجل بكمال صفاته؛ لأن كل ما ذكر من كمال الصفات، ولعلكم تذكرون أننا ذكرنا في عهد قريب أنواع التوسل.

ومن فوائد هذا الحديث: انفراد الله تعالى بالألوهية والأحدية والصمدية؛ لأنه قال: "أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد"، أما "لا إله إلا أنت" فواضح، وأما "الأحد الصمد" فلأنهما معرفان، يعني: المعني أشهد أنك الأحد الصمد، فهما من خصائص الرب عز وجل.

ومن فوائد الحديث: إثبات كمال الله عز وجل لقوله: "لم يلد يولد"، "ولم يلد" نفي للولادة في المستقبل، "ولم يولد" نفي التسلسل في الماضي؛ أي: أن الرب عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء وهو الآخر الذي ليس بعده شيء.

ومن فوائد الحديث: إثبات الصفات التي تسمى الصفات السلبية؛ أي: المنفية من قوله: "لم يلد ولم يكن له كفواً أحد" واعلم أن الله تعالى موصوف بصفات نفسي وصفات إيجاب وأيها أفضل؟ الصفات الإيجابية أفضل؛ لأنه كلما تعددت صفات الكمال ظهرت من كمال الموصوف ما لم يكن معلوما من قبل، أما صفات النفي فإنها جاءت مجملة غير مفصلة؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>