للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا, ولكن الله يعلمه, وكذلك يقال في الشر ونحن أسقطنا جملة وهي "وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم" مقابل قوله: «اللهم إني أسألك من الخير كله» وكذلك قوله: "اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك, واللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل", أيضًا علمها أن تسأل الله الجنة وما قرب إليها, كل ما قرب من قول أو عمل, واعلم أن العمل إذا أطلق دخل فيه القول وإذا قرن بالقول صار المراد به الفعل.

في هذا الحديث فوائد: أولاً حسن رعاية النبي صلى الله عليه وسلم لأهله, حيث علم عائشة هذا الدعاء الجامع النافع, وقد قال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي».

ومنها: ينبغي للإنسان أن يعلم أهله ما ينفعهم في دينهم ودنياهم أولاً: ليكونوا على بصيرة في دينهم, وثانياً: ليجري أجره عليه بعد موته, وثالثاً: من أحق الناس بمنفعتك؟ أقاربك, قال الله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: ٢١٤].

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يدعو الله بهذا الدعاء للسببين السابقين: أولاً: ما فيه من المصلحة العظيمة, وثانياً: التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم, وهنا ليس من فعل الرسول لكنه من قوله.

ومن فوائد الحديث: أنك تقول: أسألك الخير كله أو تقول: من الخير؛ لأن "من" هنا للتبعيض والخير كله لا يكون لأحد, الخير كله إنما هو بيد الله عز وجل, فلا يمكن أن يحصل للإنسان كل خير بل يحصل له من الخير.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي البسط في الدعاء؛ لأن قوله: من الخير كله يغني عن قوله: عاجله وآجله, لكن البسط في الدعاء من الأمور التي جاءت بها الشريعة ما لم يخرج عن حده إلى الأسراف, ولهذا لو دعا دعاء مفصلاً خرج عن حده صار مكروهاً.

ومن فوائد الحديث: أنه لا بأس أن يسأل الإنسان ربه سؤالاً مجملاً لقوله: "ما علمت منه وما لم أعلم", وقد يريد الإنسان خيراً معيناً يسأل الله إياه, وهذا أيضًا جائز, وقد يريد الإنسان شيئاً نافعاً لكن يتردد في منفعته هل يكون خيراً له أو لا؟ فهذا يؤمر بصلاة الاستخارة.

ومن فوائد الحديث: الاستعاذة بالله تعالى من الشر كله عاجله وآجله, وهنا نقول: من الشر ليس للتبعيض, ولكنها للتعدية أي تعدية العامل؛ ولهذا نقول: إن الإنسان يستعيذ من الشر كله قليله وكثيرة, ففرق بينها وبين السؤال, أسألك من الخير, من هنا للتبعيض, أعوذ بك من الشر, قلنا هذه للتعدية أي تعدية الفعل ويقال في عاجله وآجله ما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>