ومن فوائده: أنه في قوله: "اللهم إني أسألك من خير ما سألك ... إلخ", أيضًا فيه جواز الدعاء بالإجمال, ولكن يقيد بمن يعرف بالصلاح لو قلت: اللهم إني أسألك من خير ما سألك فلان وأنت تعرف أن الرجل هذا يسأل الله الصلاح فالظاهر أنه لا بأس به, لكن نقول: إن خيراً من ذلك أن تقول: ما سأل نبيك.
ومن فوائد الحديث: إثبات النبوة والعبودية للرسول صلى الله عليه وسلم ففيه إثبات نبوته رداً على من كذبه, وفيه إثبات عبوديته رداً على من غلا فيه صلى الله عليه وسلم, ويقال أيضًا في أعوذ بك من شر ما عاذ منه عبدك ونبيك.
ومن فوائد الحديث: سؤال الجنة وكل ما يقرب إليها من قول وعمل, ومن قول: يشمل قول اللسان, وقول القلب والعمل: يشمل عمل الجوارح وعمل القلب, فما هو قول القلب وما هو عمل القلب؟
قول القلب هو إيمانه واعترافه بالشيء, وعمله هو حركته محبة, يعني: أن يحب الشيء بغضاً يبغض الشيء, رجاء يرجو الشيء, خوفاً يعني: أن يخاف الشيء, خشية وما أشبه ذلك, المهم أن عمل القلب حركة القلب, أما قوله فهو إقراره وإيمانه أما عمل الجوارح فواضح, وقول اللسان واضح أيضًا.
ومن فوائد الحديث: الاستعاذة بالله من النار وما قرب إليها من قول وعمل؛ لأن النار لها قوال تقرب إليها وأعمال تقرب إليها أما بقية الحديث وقال: "وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيراً" هذه كلمة جامعة, والله تعالى يقضي على العبد بما يضره وبما ينفعه بما يلائمه وبما لا يلائمه, فأنت تسأل الله أن يجعل قضاء قضاه خيراً لك أما قضاء ما يسر وما ينفع فظاهر أنه خير, ولكن ما يضر وما يسوء كيف يكون خيراً؟
إذا أصابك الله بضر وصبرت واحتسبت الأجر من الله ماذا يكون هذا الضرر؟ يكون خيراً؛ لأن ثواب الآخرة خير من الدنيا, كذلك أيضًا إذا جاء الأمر على خلاف ما تريد فهذا أيضًا قد يكون خيراً لك, قد يصرف الله عنك من السوء ما لا تعلمه وأنت تكره أن يقع, ولهذا جاء في القرآن الكريم: {كنت الله عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنت لا تعلمون} [البقرة: ٢١٦]. إذن يكون معنى: وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيراً سواء كان هذا القضاء مما يسر أو يسوء أو يضر أو ينفع.