١٥٠٢ - وأخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن, خفيفتان على اللسان, ثقيلتان في الميزان, سبحان الله وبحمده, سبحان الله العظيم».
قلنا فيما سبق الكلمة في اللغة العربية وفي لسان الشرع غير الكلمة في اصطلاح النحويين, تشمل الجملة والجمل, والكلمة الطويلة والكلمة القصيرة, وتشمل أيضًا الشعر والنثر, قال: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن" إلى الله عز وجل يعني: أن الله يحبهما, "خفيفتان على اللسان" هذا مقابل قوله: "ثقيلتان في الميزان" خفيفتان؛ لأنهما لا يتعبان, لو بقي إنسان يقولهما ليله ونهاره ولا يتعب لسانه, "ثقيلتان في الميزان" أي: ما توزن به الأعمال يوم القيامة, "سبحان الله وبحمده" هذه كلمة, "سبحان الله العظيم" هذه الكلمة الثانية, وسبق قول القائل: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم, وأنه تنزيه لله تعالى عن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته, هذا الحديث ختم به المؤلف كتابه رحمه الله تأسياً بالبخاري [الذي] ختم به كتابه الصحيح مع أنه ذكره في مواضع أخرى لكنه أختار رحمه الله أن يجعل هذا الحديث آخر كتابه, نسأله الله أن يحب الجميع.
في هذا الحديث فوائد: أولاً: إثبات المحبة لله عز وجل أن الله يحب الأعمال لقوله: "حبيبتان إلى الرحمن" والله عز وجل تتعلق محبته تارة بالعمل مثل هذا الحديث, ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها» , «أحب الصيام إلى الله صيام داود» , والأمثلة كثيرة, وتارة تتعلق محبة الله تعالى بالعمل, لقوله تعالى: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا} [الصف: ٤٠]. {إن الله يحب المتقين} [التوبة: ٧]. والأمثلة كثيرة, وتارة تعلق بالمكان مثل "أحب البقاع إلى الله مساجدها ومكة أحب البقاع إلى الله".
أهل السنة والجماعة يقولون: إن الله تعالى يحب محبة حقيقية ثابتة, وغيرهم يحرف المحبة ويقول المحبة عبارة عن الثواب, ولكن هذا وإن سلم لهم في قوله: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا} لا يسلم في قوله: «أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها» , لأن الصلاة نفسها لا تثاب بل يثاب فاعلها, وكذلك «أحب البقاع إلى الله مساجدها» فالمساجد لا تثاب إنما يثاب من صلى فيها.