للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: إثبات اسم الرحمن لله عز وجل لقوله: «إلى الرحمن, ورحمة الله تعالى عامة وخاصة, فالعامة هي التي وسعت كل شيء كما قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء} [الأعراف: ١٥٦]. والخاصة هي التي للمؤمنين فقط, الرحمة العامة دليلها أيضًا {وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب} , والخاصة كقوله: {وكان بالمؤمنين رحيماً} [الأحزاب: ٤٣]. وعلى هذا لو سألك سائل هل الله تعالى راحم الكافرين؟

الجواب: أن الرحمة العامة نعم, والخاصة لا.

ومن فوائد الحديث: الترغيب في العمل, يعني: تقليل العمل في نفس الإنسان حتى ينشط عليه, لقوله: "خفيفتان على اللسان", ومن ذلك قول الله تعالى لما ذكر الصيام قال: {أياماً معدودات} [البقرة: ١٨٤]. يعني: ليس كل الوقت بل أياماً قليلة وعلى هذا فينبغي للإنسان عندما يخاطب الناس في موعظة أن يقلل لهم الكلفة في الأعمال الصالحة, حتى يقدموا عليها ولذلك في عدة المتوفى عنها زوجها قال النبي صلى الله عليه وسلم: حين سألته امرأة أن ابنتها توفي عنها زوجها وانها اشتكت عينها أفتكحلها؟ قال: لا, "لا تكحلها" ثم قال: «إنما هي أربعة أشهر وعشراً, وقد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول» يعني في الجاهلية.

يشير إلى قصة غريبة في الجاهلية إذا مات الزوج عن المرأة صارت في خفي في أقصى خبائها ليس عندها أحد ولا يعطونها ماء ولا شيئاً [سوى] الأكل والشرب فقط, كل الروائح الكريهة عندها, روائح حيض, روائح البول, العذرة, كل شيء إلى سنة كاملة, بعد السنة الكاملة تؤثر بشيء طاهر أو ما أشبه ذلك, من أجل أن تدلك به حول الفرج, يقول فلما تفعل شيئاً من ذلك إلا هلكت من الرائحة الكريهة, ثم إذا خرجت أخذت بعرة-روثة البعير- من الأرض ثم رمت بها إثارة إلى أن كلما حصل لها أهون من هذه البعرة الجاهلية, كلها جهل.

والإسلام خفف لها العدة إلى أربعة أشهر وعشرة أيام, المهم أن ذكر هذا من باب التسلية في الأمور التي يعتقد الإنسان أنها شاقة, ومن باب الترغيب في الطاعة.

"ثقيلتان في الميزان" يعني ما توزن به الأعمال, وهذا فيه أن الذي يوزن هو العمل, وهذا هو ظاهر النصوص في الكتاب والسنة, وهنا يبقى إشكال, وهو كيف يوزن العمل وهو معنى قائم ببدن العامل وليس شيئاً محسوساً؟ فيقال: إن الله تعالى يجعل هذه المعاني أحياناً توزن وانظر إلى الموت هل هو جسم أو معنى؟

قولنا: "معنى" هنا معناه: فقد الحياة, يؤتي به يوم القيامة على صورة كبش ويذبح أمام أهل الجنة وأهل النار, ويقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت, ويقال لأهل النار يا أهل النار خلود ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>