يزيد أيضًا من جهة القول: فمن يسبح الله مائة مرة أزيد إيمانًا ممن لا يسبحه إلا خمسين مرة.
ويزيد أيضًا بالفعل: فكلما كثرت الخطا إلى المسجد كان أعظم أجرًا وهكذا الزيادة, فالمهم أن أهل السنة والجماعة يرون أن الإيمان يزيد وينقص من وجوه ثلاثة: اليقين, والقول, والفعل, وخالفهم في هذا طائفتان: المرجئة, والوعيدية.
المرجئة الذين يقولون: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص, لا يزيد بالطاعة, ولا ينقص بالمعصية, وأن أفسق الناس وأقوم الناس على حد سواء في الإيمان, وغالى بعضهم وقال: إن الإيمان مجرد المعرفة كما هو مذهب الجهمية مجرد أن يعرف الإنسان ربه فهو مؤمن ولا شك أن هذا قول باطل, فإنه ينتقض عليهم بإبليس, فإنه كان يعرف ربه ويدعو ربه, ومع ذلك فهو كافر ليس عنده إيمان.
والطائفة الثانية: الوعيدية من المعتزلة والخوارج قالوا: لا يمكن أن يزيد وينقص, فمن فعل معصية من الكبائر فهو كافر, ومن فعل دون الكبائر فهو مؤمن كامل الإيمان, لا ينقص إيمانه, فجعلوا الإيمان إما كاملًا مطلقًا, وإما كفرًا, ففاعل الكبيرة عندهم غير مؤمن, لكن الخوارج أشجع من المعتزلة, الخوارج قالوا: كافر ولا يبالون.
والمعتزلة قالوا: بمنزلة بين منزلتين, أما أهل السنة والجماعة فأخذوا بالأدلة كلها من جميع الجوانب وقالوا: الإيمان يزيد وينقص؛ لكن نقص الإيمان - كما سبق - ينقسم إلى قسمين: قسم يلام عليه العبد, وقسم لا يلام عليه, فما كان بغير إرادة أو كان غير واجب فإنه لا يلام عليه, وما كان واجبًا ونقصه بإرادته واختياره فإنه يلام عليه, قال:
١٤٠ - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه: «أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ فقال: ما فوق الإزار». رواه أبو داود وضعفه.
قوله: «ما يحل» يعني: أي شيء يحل للرجل أن يستمتع من زوجته حال الحيض؟ فقال: «ما فوق الإزار» يعني: أن ما بين السرة والركبة هذا لا يحل له, وأما ما فوق ذلك أو ما دونه فلا بأس, وهذا الحديث - كما ترون - لا يقاوم حديث مسلم الثابت, قال: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح». وعلى هذا فالراجح أن الإنسان له أن يصنع كل شيء إلا النكاح لوجهين:
أولًا: أن ذاك أصح. والثاني: أن فيه زيادة فيما يحل, والزيادة من الثقة مقبولة, فيكون الصواب: أنه يحل له كل شيء, لكن إذا كان الإنسان قوي الشهوة ولا يملك نفسه نقول: لا تقرب المحل فيكون من الإزار فما فوق.