ومن فوائد هذا الحديث: حسن تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم - وما أحسنه, وما أجمله, وأوضحه, وأبينه - وذلك حيث قرن الحكم بعلته, قال: «أبردوا للصلاة, فإن شدة الحر من فيح جهنم».
ومن فوائد هذا الحديث: وجود النار الآن, وقد دل على ذلك القرآن والسنة.
أما القرآن: فقال الله تعالى: {واتقوا النار التي أعدت للكافرين} [آل عمران: ١٣١]. و «أعد» فعل ماضٍ, والإعداد بمعنى: التهيئة.
وأما السنة: فإن النبي صلى الله عليه وسلم عرضت عليه النار وهي يصلي صلاة الكسوف, وشاهدها بعينه, ورأى فيها المعذبين.
فإذا قال قائل: أين موضع النار؟
قلنا: الظاهر أن موضعها في أسفل السافلين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن روح الكافر يأمر الله تعالى أن تكتب في سجين في الأرض السابعة السفلى.
فإذا قال قائل: نحن لا نشاهدها الآن, ربما نحفر إلى مدى بعيد ولا نشاهدها؟
قلنا: لا يلزم أن نشاهدها, الأمور الغيبية محجوبة عنا ليس فيها إلا مجرد التسليم, وما لم يظهر اليوم ربما يظهر بعد حين.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الله - سبحانه وتعالى - قد يخرج من النار الحرارة حتى تصل إلى الأرض لقوله: «فإن شدة الحر من فيح جهنم».
فإن قال قائل: إذا كان في الطرف الشمالي من الأرض, أو في الطرف الجنوبي الأقصى من الأرض وليس عندهم البرودة, فهل نقول: إذا دخل فصل الصيف الذي يكون حارًا في المناطق الأخرى فإنهم يبردون بالصلاة؟
الجواب: لأا؛ لأن قوله: «أبردوا» يعني: أخروها إلى أن يبرد الجو, وهؤلاء جوهم بارد لا يحتاج إلى تأخير الصلاة.
١٥١ - وعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم». رواه الخمسة, وصححه الترمذي وابن حبان.
«أصبحوا بالصبح» يعني: لا تصلوا حتى تتيقنوا الصبح خوفًا من أن يتعجل الإنسان ويصلي وهو شاك في طلوع الفجر؛ لأن طلوع الفجر أمر خفي, وهو - كما تعلمون - يظهر شيئًا فشيئًا, فربما يتعجل الإنسان بمجرد ما يرى إضاءة يظنها الصبح فيصلي. فمعنى «أصبحوا»؛