أي: تيقنوا الصبح لا تصلوا مع الشك, وقيل: معنى «أصبحوا بالصبح»؛ أي: أطيلوا قراءة الصلاة حتى يكون الإصباح واضحًا جليًا, ويسفر جدًا لقوله: «فإنه أعظم لأجوركم»؛ لأننا لو فسرناها بالمعنى الأول لكان فعلها قبل الإصباح ليس فيه أجر أصلًا, ولم يكن التعليل أنه أعظم للأجر, وهذا المعنى قوي جدًا.
أن المعنى «أصبحوا بها»؛ أي: أطيلوا الصلاة فيها حتى يظهر الصباح جليًا, وهو بمعنى الحديث الثاني: «أسفروا بالصبح».
من فوائد هذا الحديث: إن قلنا بالمعنى الأول: وجوب الانتظار حتى نتيقن الصبح, وإن قلنا بالثاني فمشروعية إطالة القراءة.
ومن فوائده: أن الأجور تختلف في عظمها وصغرها؛ لقوله: «فإنه أعظم» , و «أعظم» اسم تفضل يدل على وجود مفضل, ومفضل عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: نعمة الله - تبارك وتعالى - على عباده؛ حيث سمى الثواب أجرًا مع أنه سبحانه وتعالى هو الموفق للعمل الصالح, ومع ذلك يسمي ثوابه على العمل الصالح أجرًا؛ أي: بمنزلة الأجرة التي يستحقها العامل على من استأجره, ومثل ذلك قوله تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} [الرحمن: ٦٠]. يعني: هل جزاء العمل الصالح الذي أحسن فيه صاحبه إلا الإحسان بالثواب فيقال: اللهم لك الحمد أن تحسن أولًا ثم تحسن ثانيًا؛ لأن الذي وفقك للإحسان أولًا هو الله عز وجل ومع ذلك أثابك على الإحسان الذي هو فضله عليك.
١٥٢ - وعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس؛ فقد أدرك الصبح, ومن أدرك ركعةً من العصر قبل أن تغرب الشمس؛ فقد أدرك العصر». متفق عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصبح» يعني: أنه صلى ركعة ثم طلعت الشمس, فتكون الركعة الأولى في الوقت, والركعة الثانية بعد الوقت, وقوله: «قبل أن تطلع الشمس» المراد: يتبين قرنها الأعلى؛ لأن وقت الفجر يخرج بتبين قرن الشمس الأعلى, يعني: ليس بلازم أن تخرج كلها, وقوله: «فقد أدرك الصبح» أي: أدرك وقتها, أي: كأنه صلاها كلها في الوقت, «ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس» , أي: قبل أن يغرب قرنها الأعلى أو الأسفل؟ الأعلى لأنه لا يصدق أنها غربت إلا إذا اختلفت نهائيًا, «فقد أدرك العصر».
وقوله: «ركعة» في الموضعين يعني: بسجدتيها, وليس المراد: الركوع, المراد: الركعة