فالجواب: نعم, نؤخر؛ لأن ذلك يؤدي ألا يدفنه الناس على وجه مطلوب, هذا من جهة, من جهة أخرى: يؤدي إلى أن القبر يمتلئ ماء فيؤخر.
والخلاصة: أن هذا الحديث - حديث عقبة بن عامر - يؤدي إلى جواز الدفن في جميع أوقات الليل والنهار, إلا هذه الأوقات الثلاثة.
١٥٦ - والحكم الثاني عند الشافعي من حديث أبي هريرة بسندٍ ضعيفٍ. وزاد: «إلا يوم الجمعة».
«الحكم الثاني» هو في الواقع ليس حكمًا, لكن الحكم في المسألة الثانية وهي: «حين يقوم قائم الظهيرة»؛ لأن حديث عقبة بن عامر فيه ثلاث مسائل, والحكم واحد وهو النهي, ولذلك نعتبر عبارة المؤلف رحمه الله فيها تسامح, فالمراد: الحكم في المسألة الثانية هي: «حين يقوم قائم الظهيرة».
يقول: عند الشافعي من حديث أبي هريرة بسند ضعيف, وزاد: «إلا يوم الجمعة» الشاهد: هو قوله: «إلا يوم الجمعة» فاستثنى يوم الجمعة؛ أي: أنه ليس فيه نهي عند زوال الشمس, وهذه المسألة فيها خلاف عند الفقهاء - رحمهم الله - منهم من قال: إن يوم الجمعة ليس فيه نهي, يعني: نهي عند قيام الشمس, لكنهم لم يستدلوا بهذا الحديث الضعيف, استدلوا بأن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا إذا دخلوا المسجد صاروا يصلون حتى يحضر الإمام بدون نكير, وهذا يدل على أن الحكم المتقرر عندهم: أنه لا نهي عن الصلاة يوم الجمعة.
ومن العلماء من قال: إن الجمعة كغيرها. وهذا أقرب إلى الصواب, وإن كان الأول أقرب للصواب, لأن كون الصحابة يفعلون ذلك, يبعد أن يكونوا يفعلونه بدون أن يطلعوا على ترخيص الرسول صلى الله عليه وسلم, لكن الذي ينكر: ما يفعله بعض الناس اليوم, تجده متقدمًا إلى الجمعة, صلى ما كتب له, ثم جعل يقرأ القرآن, فإذا بقي على الزوال عشر دقائق أو نحوها قام يصلي, وهذا رأيناه كثيرًا, هذا هو الغلط؛ لأن هؤلاء لم يفعلوا كفعل الصحابة, يعني: لم يبقوا يصلون حتى جاء الإمام, بل هم جالسون, فلما جاء وقت النهي قاموا يصلون, لكن على رأي من يرى أنه لا نهي يوم الجمعة, يعني: ليس فيه النهي عند الزوال يباح لهم ذلك, لكن نقول: لا ينبغي لكم أن تتسلطوا على الصلاة في وقت اختلف العلماء في جواز الصلاة فيه, وظاهر هذا اللفظ «إلا يوم الجمعة» أنه لا فرق بين من كان في المسجد - أي: مسجد الجمعة -, ومن كان خارجه, وهذا نعم إذا صح الحديث فلا فرق, لكن إذا استدللنا بفعل الصحابة؛ فالصحابة إنما يفعلون