ذلك فيما إذا حضروا الجمعة, فيكون هذا خاصًا فيمن حضر يوم الجمعة, له أن يصلي حتى يأتي الإمام.
١٥٧ - وكذا لأبي داود: عن أبي قتادة نحوه.
١٥٨ - وعن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد منافٍ, لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعةٍ شاء من ليل أو نهار». رواه الخمسة, وصححه الترمذي, وابن حبان.
قوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف» وجه الخطاب إليهم؛ لأنهم هم القائمون على المسجد الحرام, و «مناف» ما صلته بالرسول - عليه الصلاة والسلام - هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف, فهو الأب الرابع؛ لأنهم هم القائمون على المسجد الحرام ولهم السلطة أن يمنعوا أو يفسحوا, فقال: «لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى» يعني: فيه «أية ساعة شاء من ليل أو نهار» بعد الفجر, بعد العصر, عند قيام الشمس, في أي وقت لا تمنعوه؛ وذلك لأن المسجد لله عز وجل {وأن المساجد لله} [الجن: ١٨] , وقد قال الله عز وجل: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه} [البقرة: ١١٤]. انتبهوا إلى كلمة {أن يذكر فيها اسمه} بدل اشتمال من قوله: {مساجد الله} يعني: أن النهي منصب على هذا, على منع ذكر اسم الله في المساجد, وكذلك لو منع المساجد أصلًا, وأقفل الباب في وقت الناس يحتاجون إليه بغير سبب شرعي.
من فوائد هذا الحديث: أولًا: حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في توجيه الخطاب إلى من هو أليق به, وأخص به لقوله: «يا بني عبد مناف». وهل يعني ذلك أنه لغير القائمين على المسجد الحرام أن يمنعوا؟ لا, لكن الحكم واحد, لكن وجه الخطاب إليهم لكونهم هم الولاة عليه, نظير ذلك - أي: نظير توجيه الخطاب إلى من هم أليق به من غيرهم -: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب, من استطاع منكم الباءة فليتزوج». وهذا الأمر للشباب وغيرهم, كل من يريد الزواج وفيه شهوة الزواج, فإنه يؤمر بهذا.
ومن فوائد هذا الحديث: نهي من قام على المسجد الحرام أن يمنع أحدًا طاف فيه بسلطة الولاية.
انتبهوا لهذا القيد: أن يمنع أحدًا طاف فيه بسلطة الولاية؛ لأن الرسول عمم, قال: «أية ساعة شاء من ليل أو نهار»؛ وإنما قيدت ذلك لأجل أن نرد قول من يقول: إن المسجد الحرام