للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: هذا بعيد من وجهين:

الوجه الأول: أن الصحابة أعلم الناس بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم.

الوجه الثاني: أن الصحابة أورع الناس, فلا يمكن أن يجزم بأن الرسول أمر, أو أن الناس أمروا إلا عن يقين, وبهذا بطل قول من يقول: إن ما صدر بلفظ أمر, أو أمرنا, أو ما أشبه ذلك لا يدل على الأمر لاحتمال أن الصحابي رضي الله عنه فهم ما ليس بأمرٍ أمرًا, فيقال: هذا بعيد للوجهين اللذين ذكرناهما, وقوله: «أمر بلال»؛ لأنه المؤذن لا لاسمه وعينه, بل لوصفه, «أن يشفع الأذان شفعًا»؛ الأذان عند النهاية وتر لكن باعتبار جمله شفع: «الله أكبر أربع مرات» , الشهادتان, الحيعلتان, التكبير في آخر شفع, لكن إذا أردت أن تعتبر الأذان بجميع جمله فهو وتر, لكن كل جملة وحدها تشفع, لكن ختم بـ «لا إله إلا الله» وترًا؛ لأن غالب الشريعة كلها وتر تقطع على وتر, الصلاة وتر, والصيام وتر, والحج, وجميع العبادات كلها مقطوعة على وتر, الصلاة وتر في أول النهار وآخره, ما وترها في أول النهار؟ أول النهار آخر الليل؛ يعني: وترها الوتر المعروف, ووترها في الليل المغرب؛ الصيام وتر لأنه شهر واحد, الحج وتر يوم عرفة يوم واحد, يوم النحر يوم واحد, أيام التشريق ثلاثة إلا من تعجل فقد رخص الله له, وهلم جرا. فختم الأذان بـ «لا إله إلا الله» ليكون وترًا.

ويقول: «ويوتر الإقامة إلا الإقامة». «يوتر الإقامة» أي: يجعلها وترًا, فإذا أخذنا بظاهر الحديث صارت الإقامة هكذا: «الله أكبر, أشهد أن لا إله إلا الله, أشهد أن محمدًا رسول الله, حي على الصلاة, حي على الفلاح, قد قامت الصلاة, قد قامت الصلاة - لأنه قال: «إلا الإقامة» - الله أكبر الله أكبر, لا إله إلا الله» كم يكون؟ تسع جمل, وبهذا أخذ كثير من العلماء قال: إن هذا ظاهر الحديث, وليس لنا أن نخالف الظاهر إلا بدليل, ولكن الجمهور على خلاف ذلك, قالوا: إن إيتاره باعتبار جمل الأذان, فمثلًا تكبير الأذان أربعًا إذا أخذنا ثنتين فهي نصف الأربع فيكون التكبير في أوله مرتين, لكن يبقى إشكال آخر التكبير في آخر الإقامة ثنتين, وفي آخر الأذان مرتين, هذا مشكل, لكن من قال: إن هذا الحديث مشكل فنحمله على الواضح وهو حديث بلال فإنه ذكر فيه الإقامة هكذا: «الله أكبر الله أكبر في أولها, الله أكبر الله أكبر في آخرها» , وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء أن الإقامة - كما تعرفون الآن - يكبر لها مرتين في أولها ومرتين في آخرها, وقوله: «إلا قد قامت الصلاة» فسرها الراوي بقوله: «يعني: إلا قد قامت» لئلا يكون فيه تناقض «يوتر الإقامة إلا الإقامة» , فبين أن الإقامة الثانية غير الإقامة الأولى, الإقامة الأولى هي جميع الإقامة الذكر المشروع كله, والثانية: هي قد قامت الصلاة, وقوله: «قد قامت الصلاة» يريد بها: الصلاة الحاضرة لا شك ليس جميع الصلوات كما قلنا في قوله: «حي على الصلاة».

<<  <  ج: ص:  >  >>