للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن تذر التراب عليه ثم تصب عليه الماء.

وذكر بعضهم صورة ثالثة: أن تخلط التراب بالماء. المهم أن الأولى هي التي يكون معها التراب.

"أولاهن بالتراب". أخرجه مسلم.

والواقع أنه أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما أيضا، لكن أحيانا يقول العلماء: أخرجه مسلم مع أنه للجماعة كلهم؛ لأن هذا لفظه.

وفي لفظ له: "فليرقه". يعني: قبل أن يغسله، وهذه اللفظة قال الحافظ: أنها لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها وإن لم تصح لفظا فهي صحيحة معنى؛ لأن هذا الماء الذي ولغ فيه الكلب لا يمكن أن نغسل الإناء سبع مرات أولاهن بالتراب إلا بإراقته غالبا، لا نقول: صب الماء واشربه ثم اغسل الإناء؛ لأن هذا بعيد عن مراد الشرع، فه وإن لم يصح سندا فهي صحيحة معنى.

وللترمذي: : أخراهن، أو أولاهن": أتى المؤلف هنا بلفظ الترمذي لأنه يريد - أي: المؤلف - أن يجعل (أو) هنا للتخيير مع أنه يمكن أن يقال: إنها للشك، وإذا كانت للشك فإن لفظ مسلم ليس فيه شك، فيحمل المشكوك فيه على ما لا شك فيه، وحينئذ تكون الغسلة التي فيها التراب هي الأولى، ولكن إذا قال قائل: إذا أمكن الحمل على التخيير أو التنويع فإنه أولى من حمله على الشك؛ لأن حمله على الشك قدح في حفظ الراوي، فلماذا لا نجعلها للتخيير؟ نقول: هذا حق أنه إذا تردد الأمر وهذه قاعدة مفيدة أنه إذا دار الأمر بين أم تكون (أو) للتنويع أو للتخير أو للشك فالأولى حملها على التنويع أو التخيير حسب السياق والقرينة، لماذا كان هذا أولى؟ لأن حملها على الشك طعن في حفظ الراوي، والأصل عدم الطعن، لكن إذا وجدنا رواية في نفس الحديث فهنا نحملها على الشك؛ لأن الرواية التي لا شك فيها تعتبر من قبيل المحكم، والتي فيها الشك من قبيل المتشابه.

والقاعدة الشرعية فيما إذا كان محكما ومتشابها: أن نحمل المتشابه على المحكم حتى يكون الجميع محكما، إذن فنقول: هذه الرواية التي جاء بها المؤلف، والظاهر أنه إنما أتى بها من أجل أن يبين أن الإنسان مخير بين أن يكون التراب في أول غسلة أو آخرها، لا نوافق المؤلف على مراده هذا إذا كان هذا مراده، بل نقول: هي للشك، ويحمل هذا الشك على ما لا شك فيه وهي أن الغسلة تكون في الأولى، وهذا كما أنه أصح رواية فهو أيضا أصح من حيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>