فإن قال قائل: الأقيس؟
قلنا: لا قياس في العبادات. وثانيًا: ماذا نقيس! صلاة العيد ليس لها بدل.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يشرع الأذان ولا الإقامة لصلاة العيدين؛ لأن النبي صلى الله عليه سلم لم يفعل ذلك, ولو كان هذا من شرع الله لفعله أو أمر به.
ومنها: الاستدلال بترك النبي صلى الله عليه وسلم للشيء مع وجود سببه, وأنه إذا ترك الشيء مع وجود سببه, كان ذلك دليلًا على غير مشروعيته, وهذه فائدة مهمة: «كل شيء وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشرع فيه النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا فإحداث شيء له يعتبر بدعة». وهذه قاعدة تنفعك ولها فروع كثيرة:
منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته فأول ما يبدأ به السواك.
لو قال قائل: فإذا دخلنا المسجد هل تشرع البداءة بالسواك؛ لأن بيت الله أعز من بيت الإنسان؟
فالجواب: لا يشرع للإنسان إذا دخل المسجد أن يتسوك, فإذا قال: أقيس ذلك على دخول البيت؟ قلنا: لا قياس في العبادات, والسبب مختلف, هذا دخول مسجد, وهذا دخول بيت, ثم نقول: لو كان هذا مشروعًا - أي: السواك - عند دخول المسجد لفعله النبي صلى الله عليه وسلم لأن السبب موجود, فهذا الحديث - حديث جابر - يستدل به على هذه القاعدة العظيمة: «كل ما وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله, ففعله بدعة».
هل يمكن أن نقول: كذلك الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم؟ نعم نقول هذا, نقول: الاحتفال بدعة بلا شك؛ لماذا؟ لأن سببه موجود في عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام - ولم يفعله, فهل الرسول لا يعلم أنه سنة, أو يعلم ولم يبينه؟ كلا الأمرين محال, محال أن يدخر الله علم هذا لمن يأتي بعد أربعمائة سنة ويحجبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين, ومن المحال أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم علمه ولم يبينه لأمته.
ومن فوائد هذا الحديث: الرد على من قال من الفقهاء - رحمهم الله -: إنه ينادى للعيدين بقول: الصلاة جامعة, وجه ذلك: أن جابرًا نفى الأذان والإقامة ولم يذكر الصلاة جامعة.
فإن قال قائل: ألا يصح قياسهما على صلاة الكسوف, فقد نادى لها رسول الله - عليه الصلاة والسلام -؟
قلنا: لا يصح, لا قياس في العبادات مع اختلاف السبب, وما سبب صلاة الكسوف؟