ومن فوائد هذا الحديث: أن نصب الأئمة إلى ولي الأمر؛ لأنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم وهو ولي الأمر ولا شك, وكذلك من ينيبه ولي الأمر, كما في وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في وقتنا, وكذلك الوزارات الأخرى في البلاد الإسلامية, فإن الوزير يعتبر نائبًا عن ولي الأمر.
فإن قال قائل: لو اختار أهل الحي رجلًا, واختارت الوزارة رجلًا, فمن الذي يقدم؟
يقدم ما تختاره الوزارة, ولكن يجب على الوزارة في هذه الحال أن تنظر فيمن اختارت, وفيمن اختاره أهل الحي, أن تنظر إلى ذلك بعين العلم والإنصاف.
فإن قال قائل: إذا كنا في بلد ليس فيه ولاية إسلامية فمن الذي يقدم في الإمامة؟ قلنا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله». فيجب على أهل الحي أن يختاروا أقرؤهم لكتاب الله, ثم من يليه على حسب ما جاءت به السنة.
ومن فوائد الحديث: مراعاة الأضعف في كل شيء؛ لأنك إذا راعيت الأضعف لم تضر الأقوى, وإن راعيت الأقوى شققت على الأضعف أو أضررت به, حتى في المشي لو فرض أن أناسًا يتبعونك مثلًا فيهم من مشيه ضعيف ومشيه قوي؛ فإنك تراعي الأضعف إلا أن يكون في مراعاته ضرر, فالضرر منفي شرعًا, لكن بدون ضرر اقتد بالأضعف.
ومن فوائد الحديث: أن تعيين المؤذن إلى الإمام لقوله: «واتخذ مؤذنًا» هذا إذا قلنا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوله إلا على إمامة الصلاة, لكن حسب الترجمة التي ترجمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعله أميرًا على الطائف, وعلى هذا فيكون تعيينه - المؤذن - لا لأنه إمام المسجد, ولكن لأن له الولاية على البلد كلها.
ومن فوائد الحديث: وصية الإمام للولاة الذين تحته من الأمراء, والأئمة, والقضاة, وما أشبه ذلك بما يقتضيه حالهم؛ لقوله: «اقتد بأضعفهم, واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا» , وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية أمره بتقوى الله عز وجل, وبمن معه من المسلمين خيرًا.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي العدول عمن طلب من المؤذنين أجرًا أو مالًا, أو يقال - بمعنى أعم -: شيئًا من أمور الدنيا؛ لقوله: «اتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا» , ولهذا نص فقهاؤنا - رحمهم الله - على تحريم أجرة الأذان والإقامة, يعني: تتفق مع واحد, تقول: تعال