١٨٩ - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: «إذا أذنت فترسل, وإذا أقمت فاحدر, واجعل بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ الآكل من أكله». الحديث. رواه الترمذي وضعفه.
قوله: «عن جابر» الأحسن أن يقال: جابر بن عبد الله رضي الله عنهما لكن لما لم يذكر أباه صح أن يعود الضمير عليه مفردًا. «وعن جابر» هو: ابن عبد الله بن حرام رضي الله عنه, الذي قتل شهيدًا في أحد؛ أعني: أباه عبد الله بن حرام رضي الله عنه.
وقوله - عليه الصلاة والسلام -: «إذا أذنت فترسل» يعني: لا تستعجل قف على كل جملة, وجه ذلك: أن الأذان للبعيد, فإذا ترسل فإن من فاته أول الأذان يسمع آخر الأذان, ولذلك الآن لو سمعت صوتًا تظنه أذنًا تجد أنك [تستنصت] ثم إذا أذن ثانية وثالثة تبين لك أنه أذان, وأما الإقامة فإنها للحاضرين؛ ولهذا قال: «وإذا أقمت فاحدر» يعني: أسرع.
ولكن هل يقف على كل جملة أو يسرع ولا يقف, فمثلًا: يقول: الله أكبر الله أكبر, أشهد أن لا إله إلا الله, ويقف على كل جملة أو يوصل الجمل؟
الجواب: الأول, يقف على كل جملة إلا أنه يحدر لا يترسل.
«واجعل بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ الآكل من أكله» , يعني: والمتوضئ من وضوئه بين الأذان والإقامة مقدار ما يفرغ الآكل من أكله؛ لأنه لا صلاة بحضرة طعام, ولو أقام سريعًا والناس على أطعمتهم شق عليهم ترك الطعام, وشق عليهم ترك الصلاة مع الجماعة؛ فلهذا ينبغي أن يراعي أي: يجعل بين الأذان والإقامة مقدار ما يفرغ الآكل من أكله, والمتوضئ من وضوئه, كم المقدار؟ عشر دقائق.
في هذا الحديث: توجيه النبي صلى الله عليه وسلم العمال من المؤذنين والمقيمين, وكذلك عمال الزكاة وغيرهم إلى ما يطابق الشريعة, وهذا يدل على كمال نصحه, وعلى كمال تبليغه.
ومن فوائد هذا الحديث: أن ظاهره أن الإقامة إلى المؤذن, وليس كذلك إلا إذا عمده الإمام فيكون وكيلًا عن الإمام, وإلا فإن المؤذن أملك بالأذان, والإمام أملك بالإقامة, لكن إذا حدده وقال: اجعل بين الأذان والإقامة كذا وكذا, فذلك جائز, ولكنه مع ذلك لا يقيم حتى يرى الإمام, ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقوموا حتى يروه؛ لأنهم ربما يقومون أو يقيمون الصلاة