الثانية: الشفاعة الخاصة بالمؤمنين لا تكون لكل أحد بالمؤمنين العصاة الذين استحقوا دخول النار دون الخلود فيها, فهؤلاء يشفع فيهم النبيون, والصديقون, والشهداء, والملائكة, والصالحون فيمن استحق النار ألا يدخلها, وفيمن دخلها أن يخرج منها, وهذا النوع من الشفاعة ينكره الوعيدية من المعتزلة والخوارج؛ لأن المعتزلة والخوارج يرون ألا شفاعة في عاصٍ قد عصى بكبيرة؛ لأن المعتزلة والخوارج كل منهم يقول: إن فاعل الكبيرة مخلد في النار, والمخلد في النار ليس فيه شفاعة, لكن أهل الحق يقولون: إن هذه ثابتة وتواترت بها الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد هذا الحديث: هذا الثواب العظيم لمن قال هذا الدعاء أن تحل له شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم, أي الشفاعتين؟ الخاصة.
الحديث فيه مباحث: إذا قال قائل: كيف حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الدعوة وقد حصلت له, وكيف حثنا على الصلاة عليه وقد حصلت له {إن الله وملائكته يصلون على النبي} , وقال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [الأحزاب: ٥٦]. وكيف حثنا وأمرنا أن نصلي عليه مع أنه يأمرنا أن ندعو له, وسؤال الغير أن يدعو للإنسان غير مستحسن, كم مبحثًا الآن؟ ثلاثة مباحث:
الأول: كيف أمرنا أو حثنا على الدعاء بهذا وقد حصل له الجواب على ذلك: أنه ربما يكون من أسباب الحصول دعاء الأمة؛ لأن الأسباب قد تكون واحدًا أو اثنين أو ثلاثة أو عشرة.
ثانيًا: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حثنا على ذلك من أجل أن نذكر ما للرسول صلى الله عليه وسلم من حق علينا أن ندعو له عند كل أذان في اليوم خمس مرات على الأقل:
الإشكال الثاني: أمرنا وحثنا على الصلاة عليه - عليه الصلاة والسلام - مع أن الله أخبر أنه يصلي عليه؟
الجواب: أنه أمرنا بذلك لمصلحتنا من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا. إذن المصلحة لمن؟ لنا, لكن أمرنا بذلك وهي للرسول عليه الصلاة والسلام من أجل ما قدمنا قبل قليل أن نذكره - عليه الصلاة والسلام -, وألا يبعد عن قلوبنا.
ويقال أيضًا في الإشكال الثالث, وهو كيف يسأل أن ندعو له؟ نقول: هو ما سأل أن ندعو له لمصلحته هو؛ لأنه عارف - عليه الصلاة والسلام - وعالم أنه حاصل له لكن لمصلحتنا نحن؛ لأن الصلاة عليه الواحدة بعشر صلوات.