يغطى به الرأس والرقبة, «بغير إزار» ما يأتزر به الإنسان فيستر أسافل بدنه, فقال: «إذا كان الدرع سابغًا» السابغ يعني: الوافي تام, ثم فسره بقوله: «يغطي ظهور قدميها» يعني: فلا بأس.
في هذا الحديث يقول المؤلف: «أخرجه أبو داود, وصحح الأئمة وقفه» , وقفه: يعني جعله من كلام أم سلمة رضي الله عنها, فهل يقال: إن هذا الموقوف له حكم الرفع؛ لأن مثل ذلك لا يقال بالرأي, أو يقال: إنه موقوف ليس له حكم الرفع؛ لأنه قد تقوله بالرأي, قد ترى رضي الله عنها أن من تمام أخذ الزينة أن يكون درعها سابغًا يغطي ظهور قدميها, والفرق بين الموقوف والمرفوع: أن ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو مرفوع, وما أضيف إلى الصحابي فهو موقوف, وما أضيف إلى التابعي فمن بعده فهو مقطوع.
من فوائد هذا الحديث إذا صح مرفوعًا: حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على الفقه في الدين, وذلك بسؤال أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما جاء في هذا الحديث, وأسئلة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة في القرآن, منها نحو اثني عشر سؤالًا: {يسألونك ماذا ينفقون} [البقرة: ٢١٥]. {يسألونك عن الخمر والميسر} [البقرة: ٢١٩]. {ويسألونك على المحيض} [البقرة: ٢٢٢]. حوالي اثني عشر سؤالًا, لكن في السنة كثير جدًا, وهو يدل على عناية الصحابة - رضي الله عنهم - بدينهم وحرصهم على الفقه في الدين.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز صلاة المرأة في الدرع, لكن بشرط أن يغطي ظهور قدميها.
ومن فوائد هذا الحديث: أن القدمين ليسا بعورة, ووجه ذلك: أن ما يغطي ظهور القدمين لا يغطي بطون القدمين عند السجود, ولو كان القدم عورة لقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا كان سابغًا يغطي ظهور قدميها وبطونهما عند السجود.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز نزول ثوب المرأة إلى أسفل من الكعب؛ لأنه من ضرورة تغطية ظهر القدم أن ينزل دون الكعب, بخلاف الرجل لا يحل له أن ينزل قميصه أو إزاره إلى أسفل من الكعبين, فإن صلى - أعني: الرجل - في ثوب ينزل عن الكعبين فهل صلاته صحيحة أو لا؟ في هذا خلاف بين العلماء, والصحيح أن الصلاة صحيحة, لكنه آثم؛ لأن ستر العورة حصل وكون الثوب محرمًا يعود إلى أمر خارج, بدليل أن هذا التحريم ليس خاصًا في الصلاة حتى نقول إنه مما يختص بها فيبطلها, بل هو تحريم عام؛ يعني: تحريم نزول الثوب بالنسبة للرجل أسفل الكعبين هذا عام في الصلاة وغير الصلاة, والتحريم العام لا يبطل الصلاة, ويدل