عاتقه منه شيء, وهل هو على سبيل الاستحباب أو الوجوب, أو التفصيل؟ الصحيح التفريق في ذلك بين الفرض والنفل.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يشترط أنه يلبس الإنسان ثوبين في الصلاة, يعني: قميصًا وسراويل مثلًا, وأنه لو صلى في قميص كفى؛ لأن القميص سيكون على عاتقيه منه شيء.
مسألة: لو أن أحدًا صلى في إزار فقط, هل تجزئه الصلاة؟
الجواب: إذا لم يجد سواه فلا شك أنها تجزئه, وإن وجد فإن من العلماء من يقول: إن صلاته باطلة, وهؤلاء هم الذين يقولون بوجوب ستر العاتق, ومنهم من يقول: صلاته صحيحة, لكنه قصر في ستر العورة, وهذا هو الصحيح, وهذا يحصل كثيرًا في أيام الحج, تجد الرجل يشتغل مثلًا في طبيخ أو غيره ويصلي في إزاره وردائه الحاضر؛ فعلى القول الراجح تكون صلاته صحيحة, وعلى القول باشتراط ستر أحد المنكبين أو المنكبين جميعًا تكون صلاته باطلة, ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يتهاون في هذه المسألة مع وجود الخلاف بين العلماء.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الصلاة في ثوب واحد إذا جعل على عاتقه منه شيء؛ لقوله: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد» وهو كذلك, وعلى هذا فلو صلى الإنسان في ثوب واحد, ورأسه مكشوفة وهو رجل فصلاته صحيحة.
فإن قال قائل: وهل يستحب ستر الرأس للرجل في الصلاة؟
فالجواب: يرجع في ذلك إلى الآية {خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الأعراف: ٣١]. فإذا كان من قوم لا يتم أخذ زينتهم إلا بغطاء الرأس قلنا: غطاء الرأس مستحب, وإذا كان من قوم لا يهتمون بهذا ولا يجعلون غطاء الرأس من الزينة قلنا: لا يستحب؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
٢٠١ - وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: «أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها». أخرجه أبو داود, وصحح الأئمة وقفه.
قوله: «أتصلي المرأة» الاستفهام هنا للاستخبار والاستعلام, «في درع وخمار» , الدرع: هو الثوب يشبه القميص وسمي درعًا لأنه يشبه الدرع الذي يلبسه المقاتل في اتقاء السهام, والخمار: ما