وعليه فنقول: إذا وجد ما يقوم مقام التراب من الأشياء المنظفة جيدا فإنه يقوم مقام التراب.
ولكن لو قال قائل: لماذا لا نتبع النص والحمد لله ما يضرنا؟
نقول: نعم حقيقة أن الأولى الأخذ بالنص سواء قلنا أن غيره يجزئ أو لا يجزئ لماذا؟ لأنك إذا جعلت التراب في إزالة نجاسة الكلب فقد طهر المحل بالنص والإجماع، لكن إذا استعملت غيره ممن هو مثله أو أنظف صار في ذلك خلاف، وكلما تجنبنا الخلاف مع تساوي الدليلين فهو أولى، لكن لاحظوا الكلمة التي قلت - مع تساوي الدليلين- أما إذا ترجح أحد القولين فلا عبرة بالخلاف.
ومن فوائد الحديث: أنه لو وقعت نجاسة الكلب على غير الأواني هل تغسل سبع مرات؟
يعني: مثلا لو أن الكلب جعل يلحس ثوبك أو يلحس ساقك ماذا تقولون؟ يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب وقد يستعمل غير التراب؛ لأنه لا فرق بين الإناء وغيره.
هل يستثنى من ذلك كلب الصيد والماشية والحرث؟ ذهب بعض العلماء إلى استثناء ذلك وقالوا: المراد بالكلب الكلب السبعي الغير أليف، وأما الأليف فلا يجب في غسله التسبيع أو استعمال التراب، لكن هذا القول ضعيف؛ لأن اختلاط الكلاب بالناس إذا كانت معلمة أكثر من اختلاطها إذا كانت غير معلمة، فكليف نحمل كلام الرسول - عليه الصلاة والسلام- على الشيء القليل وندع الشيء الكثير هذا بعيد.
إذن القول بأن هذا الحديث في الكلاب التي لا يجوز اقتناؤها قول ضعيف، ما الذي يضعفه؟ أن اختلاط غير المباحة مع الناس قليل، فلا يمكن أن يحمل كلام الرسول - عليه الصلاة والسلام- على القليل ويترك الكثير، نظير هذا قول الرسول - عليه الصلاة والسلام-: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه". حمله بعض العلماء على أن المراد بذلك النذر، يعني: من مات وعليه نذر صام عنه وليه، وأما من مات وعليه صيام رمضان، فإن وليه لا يصوم عنه، فما تقولون في هذا الحمل؟ ضعيف لأنه كيف نحمل كلام الرسول على شيء نادر، لو سألنا إنسانا أيهما أكثر أن يموت الإنسان وعليه أيام من رمضان أو أن يموت وعليه نذر؟
الأول، لأن الأول يمكن أن يرد على كل واحد لكن الثاني من يرد عليه؟ على من نذر، وما أقل النذر بالنسبة لصيام فرض رمضان، على كل حال الذي يظهر العموم، وأن هذا عام في الكلاب المباحة والكلاب غير المباحة.