الرسول - عليه الصلاة والسلام- كثيرة ومع ذلك لم يأمر بغسلها سبع مرات إحداها بالتراب رجحنا قول من يقتصر على الريق.
فإذا قلنا: تعادلت الأدلة عند الإنسان فما هو الحوط؟ يعني: قدرنا أنها تعارضت من كل وجه الحمد لله أنت إذا غسلت سبع مرات إحداهما بالتراب من البول والعذرة لم يقل لك أحد:
إن المكان بقي نجسا، لكن لو لم تغسل لقال لك أكثر العلماء: إن المكان صار نجسا.
ومن فوائد الحديث: أنه لابد من استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب على الخلاف الذي سمعتوه: الولوغ، أو البول، أو العذرة تجب بالتراب لقول الرسول - عليه الصلاة والسلام- "أولاهن بالتراب". هل يجزئ غير التراب عنه؟ هذا فيه خلاف أيضا، وفيه جملة معترضة قبل هل يقوم غير التراب مقام التراب؟ .
يرى بعض أهل العلم أن غير التراب لا يقوم مقام التراب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أولاهن بالتراب". فعين التراب هذه واحدة، ولأن التراب أحد الطهورين، والطهور الثاني الماء، فإذا كان أحد الطهورين وعينه الرسول - عليه الصلاة والسلام- فلابد من تعيينه.
ويرى آخرون أن غير التراب يقوم مقامه إذا كان مثله في التنظيف أو أشد، وأنتم تعلمون الآن أنه وجد مواد كيماوية أشد من التراب في التنظيف فتقوم مقام التراب، وعللوا قولهم هذا بأن المقصود من إزالة النجاسة هو زوال عينها وأثرها، فإذا زالت عينها وأثرها بأي مزيل حصل المقصود.
وأجابوا عن الأول قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم عين التراب؛ لأنه أيسر ما يكون على الناس، والرسول - عليه الصلاة والسلام- قد يعين الشيء ليسره لا لذاته وعينه، ومعلوم أنه في عهد الصحابة التراب من أيسر ما يكون، فعين التراب لأنه أيسر ما يكون لا لأنه مقصود لذاته، كما - يعني: لها نظير- أمر بأن يصب على بول الأعرابي ماء مع أنه يمكن إذا بقي أسبوا أو شبه ذلك زال أثر البول وطهرت الأرض، لكن أمر أن يصيب عليه؛ لأنه أسرع في التطهير.
وأما قولهم: إنه أحد الطهورين، نقول: نعم، إنه أحد الطهورين، لكن طهارة التيمم لا يراد منها التنظيف، إنما يراد بها التعبد لله عز وجل، ولما كان الإنسان يتعبد لربه عز وجل بأن يغفر أشرف ما عنده من الأعضاء بالتراب؛ صارت هذه الطهارة الباطنة تسري على الطهارة الحسية الظاهرة، وإلا فمن المعلوم أن التيمم بالتراب لا ينظف ولا يزيل شيئا، والنجاسة هل هي عبادة أو غير عبادة إزالتها قصدا؟ ليست عبادة، ولذلك ليس يضرها نية، ويزول حكمها لو أزالها غير مكلف، ويزول حكمها لو زالت بالمطر ونحوه.