إذن على هذا الرأي نقول: يجب على الإنسان إذا وطئ القذر في نعليه أن يغسلهما, والصواب خلاف ذلك أن المسح كافٍ.
فإن قال قائل: إذا مسحهما عند المسجد بالتراب ففيه إشكال؛ لأن أثر الأذى أو القذر سيكون في الأرض في طريق الناس إلى المسجد, وربما تطؤه الأقدام وهي رطبة لاسيما في أيام الأمطار فما الجواب عن هذا الإشكال؟
الجواب عن هذا الإشكال - والله أعلم -: أن هذا مما يعفى عنه؛ لأن القذر سوف يتفرق ويتبدل ويكون الغلبة للتراب, وهذا مما يعفى عنه كما عفي عن استعمال الماء, وصار المسح كافيًا.
ويستفاد من هذا الحديث: أن المشقة تجلب التيسير, ولكن التيسير في حدود الشريعة ليس كل ما شق جاز أن ييسر وإلا لقلنا: إن الربا يجوز إذا دعا ضعف الاقتصاد إليه وما أشبه ذلك, لكن نقول: المشقة تجلب التيسير في حدود الشريعة, بمعنى: أن الشريعة تلاحظ المشقة فتيسر.
ومن فوائد الحديث: أن ما زالت به النجاسة فهو مطهر, ووجه ذلك: أن التراب هنا أزال النجاسة فطهرت النعال والخفاف بذلك هذا من جهة الأثر, من جهة النظر: أن النجاسة عين قائمة بنفسها, فإذا زالت عن المحل طهر المحل؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا, وعلى هذا فتطهير ألبسة الصوف بالبخار نافع أو لا؟ نافع؛ لأنه تزول النجاسة ويعود اللباس نظيفًا جدًا, قد يكون أنظف من الماء العادي, وعلى هذا أيضًا إذا أدخلت الكيماويات على المجاري - مجاري الأقذار - وزالت الرائحة والطعم واللون يكون الماء طاهرًا يتوضأ منه؛ لأن الحكم يدور مع علته: هو نجس لوجود النجاسة, هو طاهر لزوال النجاسة.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الصلاة في النعلين؛ لقوله: «وليصل فيهما» , وهذا محل بحث هل نقول: إن «اللام» للإباحة بدليل قوله: «فليمسحهما» يعني: أنه بعد مسحهما يجوز أن يصلي فيهما, وعلى هذا فيكون هذا الحديث دالًا على الإباحة, ثم يؤخذ الاستحباب - استحباب الصلاة في النعلين - من دليل آخر, أو نقول: إن اللام للأمر.
فيستفاد من هذا الحديث: استحباب الصلاة في النعلين؟ يحتمل هذا وهذا, ولكن أصل المسألة وهو الصلاة في النعلين سنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه, وكان الصحابة