للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يقوم فنقول: سبحان الله فيجلس، فيقال له: سبحان الله يريد أن يسجد، فيقال له: سبحان الله فماذا يصنع؟ بعض العلماء يقول: إذا ارتبك الإمام إلى هذا الحد فإن تنبيهه بالكلام جائز ولا تبطل الصلاة؛ لماذا؟ لأنه لمصلحة الصلاة، واستدلوا بحديث ذي اليدين، أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم مع الصحابة ومع ذي اليدين لمصلحة الصلاة، ولكن هذا القول ليس بصحيح، بل نقول: إذا تكلم بكلام الآدميين بطلت الصلاة ويعيدها من جديد، وأما قصة ذي اليدين فإن كلام النبي صلى الله عليه وسلم ومحاورته الصحابة كان قبل أن يعلم بأنه سلم قبل التمام؛ ولهذا لما أيد الصحابة ذا اليدين تقدم وصلى ما ترك، وفرق بين من يكون في صلاة ولكن يتكلم لمصلحتها عمدا، وبين من لا يعلم أنه في صلاة لظنه تمامها، فالاستدلال بحديث ذي اليدين فيه نظر.

فإذا قال قائل: هل مثلا للمأمومين أن يتكلموا في هذه الحال أن يتكلم واحد منهم فتفسد صلاته لإصلاح صلاة الآخرين؟

نقول: إذا لم يمكن إلا بهذا فيحتسب ويتكلم، أما إذا أمكن بأن ننبهه بآية من كتاب الله مثل أن يقول: {وكبره تكبيرا} [الإسراء: ١١١] ويقول: {يأيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا [الحج: ٧٧]. أو إذا كانت ركوعا {واركعوا مع الركعين} [البقرة: ٤٣]. ويقصد التلاوة لا يقصد التنبيه، فإذا أمكن أن يكون الإنسان نبيها ينبه بشيء من القرآن بقصد قراءة القرآن فغنه لا يعدل إلى الكلام لحصول المقصود بدون إفساد الصلاة.

بقية الحديث لم يذكره المؤلف لكن فيه من أهم فوائده: أن المصلي إذا عطس يحمد الله سواء كان قائما أو راكعا أو ساجدا أو جالسا؛ لأنه ذكر وجد سببه في الصلاة، وهو لا ينافي الصلاة فيكون مشروعا؛ لأن الصلاة كلها تسبيح وتكبير وقراءة قرآن، وهذا القول هو الراجح خلافا لمن كره حمد المصلي إذا عطس فالصواب أنه سنة.

وهل يقاس عليه كل ذكر وجد سببه في الصلاة؟ قاس بعض العلماء على ذلك كل ذكر وجد سببه في الصلاة، وعلى هذا فإذا كان حول الإنسان من يذكر النبي صلى الله عليه وسلم والمصلي يستمعه فإنه يصلي عليه، وأيضا لو سمع المؤذن وهو يصلي فإنه يتابعه، ولكن هذا فيه نظر؛ لأن الأصل ألا يتشاغل الإنسان بشيء سوى الصلاة.

لماذا استثنينا حمد العاطس؟ لورود الدليل، وما عدا ذلك ففي الصلاة شغل عما سواها فلا يشتغل، ولو أننا فتحنا الباب لكان الإنسان إذا سمع من حوله- من يقرأ بلوغ المرام- جعل

<<  <  ج: ص:  >  >>