وظاهر الحديث من فوائده: أنه لو احتاج قتل الأسودين إلى عمل كالتقدم قليى لأخذ العصا أو لأخذ الحجر أو ما أشبه ذلك فليفعل، لاسيما إن خاف أن تهاجمه.
ومن فوائده: أن ظاهر الحديث سواء هاجمت أم لا تهاجم، وسواء خاف مهاجمتها أم لم يخف لأن المقصود إتلاف هذا النوع من الحشرات.
فإن قال قائل: إذا كان الله عز وجل يأمر بقتلها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فما الفائدة من خلقها؟ لأنه قد يقوله قائل، ويعتذر معتذر كيف يخلق شيء ونؤمر بإعدامه؟
والجواب من عدة أوجه:
الوجه الأول: بيان قدرة الله عز وجل، حيث أودع في هذه المؤذيات ما يؤذي، وأودع في النافعات ما ينفع، فالذئب جسمه صغير بالنسبة للبعير وأيهما أنفع؟ البعير، وهذا يضر فيستفاد من ذلك تمام قدرة الله - تبارك وتعالى- أن خلق هذين المتناقضين.
ومنها: أن يعرف الإنسان قدر نفسه، وأن شيئا حقيرا بالنسبة إليه يؤذيه ويقلقه وربما يهلكه، حتى لا يتعاظم ويقول: أما من أنا، ولذلك نجد البعوضة تسلط على الإنسان في فراشه ولا يستطيع النوم وهي ما هي، وقال رجل من الجبابرة: ما هي الفائدة من خلق الذباب؟ فقال له بعض الحاضرين: الفائدة أن يرغم أنفك، أو قال: أن يرغم أنف الجبابرة؛ لأن هذا الذباب بأرجله الملوثة وهو كريه المنظر يقع على أنف الجبار فيرغمه ويهينه ويذله، وهذا أيضا ربما تكون من الحكم.
من فوائد وجود هذه المؤذيات: أن الله خلقها ليلجأ العبد إلى ربه - جل وعلا- ويكثر من الأوراد الحافظة له عن شرار خلق الله، وبعض الناس لولا خوفه من مثل هذا ما قرأ الأوراد، إذن الفائدة: أن يرجع الإنسان إلى الله - تبارك وتعالى- في قراءة ما شرع من الأوراد التي تحفظه.
ومن الفوائد أيضا: أن هذه المؤذيات يسلط عليها شيء ليس بشيء بالنسبة لها، ونضرب لكم مثلا: يقولون: إن القنفذ هو خشاش صغير، لكن قد كساه الله تعالى جلدا من الشوك يأتي على الحية ويأكلها، يبدأ بها من الذنب من ذيلها يرعاها رعيا وهي إذا ردت رأسها لتهشه ما تستطيع من الشوك فيبقى معها مصارعة ويقضي عليها، هذا مشاهد، ما الذي يقضي على هذا القنفذ؟ الحدية، وهو طائر صغير يأتي على القنفذ فإذا أحس به انكمش وأخرج الشوك، فيأخذ يذقنه من أحد الشوك، ثم يصعد به في الجو، يطير به ثم يطلقه فإذا أطلقه تبعه، فإذا وصل الأرض داخ لا يتحرك هو إذا داخ - سبحان الله- ينكمش الجلد الشوكي وهو - فيما أظن- لحمه شهي