الثاني أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل عن قتلهما حتى يقال: إن قوله: "اقتلوا" للإباحة بل هو للاستحباب؛ ولأن القواعد الشرعية تقتضي ذلك؛ حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:"خمس يقتلن في الحل والحرم". وذكر منها العقرب.
ومن فوائد هذا الحديث: أن كل ما كان طبيعته الأذى من الحيوان فإن الإنسان مأمور بقتله، أخذنا هذا العموم من العلة في الأمر بقتل الحية والعقرب.
ومن فوائد هذا الحديث: أن ظاهره العموم في الصغار والكبار من الحيات والعقارب، فتقتل جميع الحيات الصغار والكبار.
ومن فوائد هذا الحديث: أن ظاهره أن الحية تقتل في البيوت، لكن هذا الظاهر مخصوص بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن قتل الحيات؛ لأن الحيات اللاتي في البيوت ربما تكون من الجن، كما دل على هذا سبب النهي؛ فإن سببه أن شابا كان حديث عهد بعرس فجاء إلى أهله ووجد امرأته على الباب، فسأل لماذا؟ فأشارت إليه أن انظر، فنظر في الفراش وإذا بحية منطوية، فأخذ الرمح ووكزها حتى ماتت ثم مات هو في الحال، قال الراوي: فما يدري أيهما أسرع موتا الحية أو الرجل، ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم على إثر ذلك عن قتل الحيات اللاتي في البيوت؛ لأنه يخشى أن تكون من الجن، والجن إذا قتل منهم الإنس أحدا اقتصوا منه؛ إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى نوعين وهما: الأبتر وذا الطفيتين، "الأبتر": قصير الذنب؛ لأن هذين النوعين يخطفان البصر ويتبعان ما في بطون النساء، تضع الحوامل منها إذا رأتها؛ فلعظم جرمها استثناهما النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا قال قائل: في الحيات التي نهينا عن قتلها ماذا نصنع: أنبقيها معنا في البيت هذا مشكل؛ لأنه سيفزع الأهل والصغار، وسيبقى صاحب البيت في قلق؟
فقلنا له: حرج عليها ثلاث مرات، وقل:"أنا منك في حرج إن بقيت في بيتي"، فإذا حرجت عليها ثلاثا ورجعت فاقتلها؛ لأنك حرجت عليها ثلاثا إن كانت جنية عرفت أنك ستقتلها ولن تأتي، وإن كانت حية من حيات الأرض فإنها لا تدري ولا تعرف، فإذا جاءت فاقتلها فلكل داء دواء.
هل يؤخذ من هذا الحديث: أن جميع ما يؤمر بقتله إذا عرض لك في الصلاة أن تقتله؟
الجواب: نعم؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، والشريعة الإسلامية كلها مبنية على العلل فلا تتناقض.